بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَوَالِي كُلِّهِمْ: مَنْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا نَبَطِيُّ أَوْ دَعَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ الْبِيضِ كُلِّهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ قَالَ يَا بَرْبَرِيُّ وَهُوَ حَبَشِيٌّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَدْ أَخْبَرْتُك قَبْلَ هَذَا بِالِاخْتِلَافِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَبَشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ يَا حَبَشِيُّ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا أَعْوَرُ - وَهُوَ صَحِيحٌ - أَوْ يَا مُقْعَدٌ - وَهُوَ صَحِيحٌ - عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَيْءٌ إلَّا الْأَدَبَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ آذَى مُسْلِمًا أُدِّبَ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْعَرَبِيِّ: يَا مَوْلًى. أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْعَرَبِيِّ: يَا عَبْدُ. أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِمَوْلًى: يَا عَبْدُ؟ أَيُجْلَدُ الْحَدَّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا بُنَيَّ أَوْ يَا أَبِي؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا عَابِدَ وَثَنٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُنَكَّلُ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ هَذَا النَّكَالُ أَيْضًا.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْمَجُوسِيِّ أَوْ يَا ابْنَ عَابِدِ وَثَنٍ؟ قَالَ: أَرَى فِيهِ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ عَلَى مَا قِيلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ نُكِّلَ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا حِمَارُ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا النَّكَالُ. قُلْت: فَهَلْ كَانَ يَحُدُّ لَكُمْ مَالِكٌ فِي هَذَا النَّكَالِ كَمْ هُوَ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا قَالَ الرَّجُلُ: جَامَعْت فُلَانَةَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ وَجْهِ التَّعْرِيضِ الَّذِي يُضْرَبُ فِيهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ كَامِلًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَتِرَ بِفَخِذَيْهَا أَوْ بِالْأَعْكَانِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا حَدَّ عِنْدَنَا إلَّا فِي نَفْيٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ تَعْرِيضٍ، يُرَى أَنَّ صَاحِبَهُ أَرَادَ بِهِ قَذْفًا، فَلَا تَعْرِيضَ أَشَدَّ مِنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى فِيهِ الْحَدَّ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ، لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا رَمَاهُ بِهِ. وَقَدْ تَرَكَ عُمَرُ زِيَادًا الَّذِي قَالَ: رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ: فَعَلْت بِفُلَانَةَ فِي دُبُرِهَا فَقَامَتْ تَطْلُبُ بِحَدِّهَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهَا. قُلْت: فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا عَلَى إقْرَارِهِ حَدَدْتَهُ أَيْضًا حَدَّ الزِّنَا؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.