ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا حَيْثُ شَاءَ، أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فَرَكِبَهَا إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى إفْرِيقِيَّةَ؟
قَالَ: يُنْظَرُ فِي عَارِيَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ عَارِيَّتِهِ إنَّمَا هُوَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَأْتِي إلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَهُ: اُسْرُجْ لِي دَابَّتَكَ لِأَرْكَبَهَا فِي حَاجَةٍ لِي، فَيَقُولُ: ارْكَبْهَا حَيْثُ شِئْتَ. فَهَذَا يُعْلِمُ النَّاسَ أَنَّهُ لَمْ يُسْرِجْهَا لَهُ إلَى الشَّامِ وَلَا إلَى إفْرِيقِيَّةَ.
قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، هَذَا رَأْيِي. قَالَ: وَوَجَدْتُ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ فَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ. أَعَرْتنِيهَا إلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ الْمُعِيرُ: إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: إنْ كَانَ يُشْبِهُ مَا قَالَ الْمُسْتَعِيرُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَكَ.
َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً فَعَطِبَتْ، أَيَضْمَنُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ. لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ لِيَرْكَبَهَا فَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ فَعَطِبَتْ. قَالَ: إنْ كَانَ أَكْرَاهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا لَهُ، وَكَانَ الَّذِي اكْتَرَاهَا عَدْلًا أَمِينًا لَا بَأْسَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بَزًّا، فَحَمَلَ عَلَيْهَا كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا، أَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَدَسًا، أَنَّهُ.