ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ أَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي جِزْيَتِهِمْ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً؟ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا أَحْفَظُهُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ مُضَاعَفَةً عِنْدَ مَالِكٍ مَا جَهِلْنَاهُ وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُهُ، قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَذْكُرُ هَذَا، قُلْتُ: أَفَتَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ جَمَاجِمِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ؟ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا شَيْئًا وَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، قَالَ أَشْهَبُ: وَعَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ، وَذَلِكَ السُّنَّةُ وَالْأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْهُ قَوْلُ غَيْرِهِ وَالْمَعْنَى كُلُّهُ وَاحِدٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ إذَا أَعْتَقَهُ الْمُسْلِمُ أَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْمُعْتَقِ النَّصْرَانِيِّ الْجِزْيَةُ؟ فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ جَعَلْتُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ لَكَانَ الْعِتْقُ إذًا أَضَرُّ بِهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْعِتْقُ شَيْئًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ أَتَكَوُّنُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ الْجِزْيَةُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ تُجْعَلُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يَقُولُ: تُؤْخَذُ مِنْ عَبِيدِ النَّصَارَى إذَا تَجَرُوا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ الْعُشْرُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ تَمْضِي السَّنَةُ بِهِ فَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ جِزْيَةٌ حَتَّى أَسْلَمَ أَتُؤْخَذُ جِزْيَةُ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ أَسْلَمَ أَمْ لَا؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ حِصْنٍ هَادَنُوا الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنْ يُعْطُوا الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا فَأَعْطَوْهُمْ سَنَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَسْلَمُوا، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُوضَعَ عَنْهُمْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا فِي مَسْأَلَتِكَ وَهُوَ عِنْدِي مِثْلُهُ لَا أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ شَيْءٌ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَالَ الَّذِي هَادَنَهُمْ عَلَيْهِ أَيَخْمُسُ أَمْ مَاذَا يُصْنَعُ بِهِ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَ الْجِزْيَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ، أَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنْ جُمْجُمَتِهِ وَعَنْ أَرْضِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ أَرْضُهُ أَرْضَ صُلْحٍ سَقَطَتْ الْجِزْيَةُ عَنْهُ وَعَنْ أَرْضِهِ وَتَكُونُ أَرْضُهُ لَهُ، قَالَ: وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ عَنْوَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْضُهُ وَلَا مَالُهُ وَلَا دَارُهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةُ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، فِي مُسْلِمٍ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَذِمَّتُهُ ذِمَّةُ مَوْلَاهُ.
قَالَ أَشْهَبُ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي النَّصْرَانِيِّ يُعْتَقُ: لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَسِّرْ مَنْ أَعْتَقَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، إنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ