ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَوْدَعَنِي ثِيَابًا فَلَبِسْتُهَا فَأَبْلَيْتُهَا أَوْ بِعْتُهَا أَوْ أَتْلَفْتهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ اشْتَرَيْت ثِيَابًا مِثْلَ صِفَتِهَا وَرِفْعَتِهَا وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا فَرَدَدْتُهَا فِي مَوْضِعِ الْوَدِيعَةِ، أَيُبَرِّئُنِي مِنْ الضَّمَانِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يُبَرِّئُكَ ذَلِكَ مِنْ الضَّمَانِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي، لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَلَمَّا ضَمِنَ هَذَا الْمُسْتَوْدَعُ بِاسْتِهْلَاكِهِ الْقِيمَةِ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُخْرِجَ ثِيَابًا مَكَانَ الْقِيمَةِ وَلَا يُبَرَّأُ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَوْدَعْت رَجُلًا وَدِيعَةً أَوْ قَارَضْتُهُ، فَلَمَّا جِئْت أَطْلُبُهَا مِنْهُ قَالَ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْك أَيُصَدَّقُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَسْتَوْدِعُ الرَّجُلَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يُقَارِضُهُ. قَالَ: إنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُبَرِّئُهُ مِنْ الْمَالِ إذَا قَالَ قَدْ دَفَعْتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعَ الْمَالَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُقَارَضِ إذَا قَالَ: قَدْ رَدَدْتُهَا إلَيْكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْتُ الْمَالَ إلَيْهِ قِرَاضًا أَوْ اسْتَوْدَعْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ قَدْ ضَاعَ الْمَالُ مِنِّي، أَيَكُونُ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ قَدْ سُرِقَ مِنِّي؟
قَالَ: نَعَمْ.
َ قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْمَالَ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ بِبَعْضِ الْبُلْدَانِ، فَيَقْدَمُ الَّذِي بَعَثَ مَعَهُ الْمَالَ فَيَقُولُ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ مَا فَعَلْت بِالْمَالِ فَيَقُولُ لَهُ: قَدْ دَفَعْته إلَى الَّذِي أَمَرْتنِي. وَيُنْكِرُ الَّذِي بَعَثَ بِالْمَالِ إلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ دَفَعَ وَإِلَّا غَرِمَ.
قُلْتُ: بِبَيِّنَةٍ دَفَعَ إلَيْهِ أَمْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، أَهُوَ سَوَاءٌ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْوَجْهَيْنِ؟
قَالَ: نَعَمْ قَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ حِينَ أَخَذَهُ مِنْهُ قَالَ: لَهُ إنِّي أَدْفَعُهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَنَا أَسْتَحِي أَنْ أُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ. قَالَ: إنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ قَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ رَجَعْتُ بِهَا وَرَدَدْتُهَا إلَيْكَ وَلَمْ أَجِدْ صَاحِبَكَ الَّذِي بَعَثْتَ بِهَا مَعِي إلَيْهِ، وَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ رَدَّهَا إلَيْهِ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَبَضَهَا مِنْهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ قَبَضَهَا مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ، أَهُوَ سَوَاءٌ؟
قَالَ: إنْ كَانَ قَبَضَهَا مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ، فَأَرَى أَنَّهُ لَا يُبَرَّأُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ