قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَتُجِيزُونَ، فَإِنْ أَبَوْا كَانَ ثُلُثَا الْعَبْدِ لِلْوَرَثَةِ رَقِيقًا وَثُلُثُهُ حُرًّا السَّاعَةَ وَسَقَطَتْ الْخِدْمَةُ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ وَالْعِتْقَ لَمَّا اجْتَمَعَا وَلَمْ تَتِمَّ الْوَصِيَّةُ فَقَطَعَ بِهِ لَهُمَا كَانَ الْعِتْقُ مُبْدَأً عَلَى الْخِدْمَةِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ سَنَةً - وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ أَوْ لَهُ مَالٌ - لَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبُّوا أَنْ يُسَلِّمُوا خِدْمَتَهُ سَنَةً ثُمَّ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ الْعَبْدُ بَعْدَ السَّنَةِ، وَإِلَّا أَسْلَمُوا إلَيْهِ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ بَتْلًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً؟
قَالَ: وَهَذَا وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ سَوَاءٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إمَّا أَسْلَمُوا إلَيْهِ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَإِمَّا قَطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ إذَا أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قُطِعَ لَهُ فِيهِمَا، وَإِذَا كَانَ خِدْمَةً أَوْ سُكْنَى فَلَمْ يُجِيزُوا قَطْعًا لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ سَحْنُونٌ. وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ، لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ أَوْ سُكْنَى الدَّارِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا أَوْصَى فِيهِ أَوْ لَهُ مَالٌ، لَا يُخْرِجُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ قَوْلِهِمْ.
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ سَنَةً وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ لَا يَحْمِلُهُ؟
قَالَ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَالْخِدْمَةُ مُبْدَأَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَأَرَى أَنْ يُقْطَعَ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ، فَيَخْدُمُ الَّذِي جُعِلَتْ لَهُ الْخِدْمَةُ السَّنَةَ إنْ كَانَ الَّذِي حَمَلَ الثُّلُثُ النِّصْفَ خَدَمَ الْوَرَثَةَ يَوْمًا وَخَدَمَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ يَوْمًا، حَتَّى إذَا مَضَتْ السَّنَةُ كَانَ نِصْفُهُ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ بَتْلًا. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ.
قُلْتُ: فَلَوْ هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ وَلِآخَرَ بِرَقَبَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا سِوَاهُمْ؟
قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَنْفِذُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَبَوْا قِيلَ لَهُمْ: فَابْرَءُوا مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ إلَى أَهْلِ الْوَصَايَا يَتَحَاصُّونَ فِيهِ أَهْلَ الْوَصَايَا بِقَدْرِ وَصَايَاهُمْ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَتَحَاصُّ هَذَانِ؟
قَالَ: إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ فَإِنَّهُ يُعْمَرُ هَذَا الْمُخْدَمُ فَيُنْظَرُ مَا تُسَاوِي فِي الْخِدْمَةِ حَيَاتُهُ عَلَى غَرَرِهَا، أَوْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَلَّهُمَا تَعْمِيرًا، وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ لِلْآخَرِ، فَيَتَحَاصَّانِ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ، هَذَا بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ وَهَذَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ.
قُلْتُ: أَفَيَكُونُ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ بَتْلًا مَنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يُحَاصُّ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَيَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْخِدْمَةِ أَنَّهَا تَقُومُ عَلَى غَرَرِهَا؟
قَالَ: عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَنَّهُ يُؤَاجَرُ إلَى ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ قِيلَ لَهُمْ: بِكَمْ يُتَكَارَى هَذَا الْعَبْدُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ هَذَا الرَّجُلِ إنْ حَيِيَ إلَى