المدونه (صفحة 2034)

أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يُزْهِيَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمَاهُ بَعْدَمَا أَزْهَى وَحَاجَتُهُمَا إلَى مَا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ مُخْتَلِفَةٌ فَتَرَكَاهُ حَتَّى أَثْمَرَ، أَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا تُنْتَقَضُ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ فِيهِ يُتْمِرُ وَاحِدٌ وَيَجُدُّ آخَرُ وَيَبِيعُ آخَرُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ اشْتَرَى رُطَبًا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى يُتْمِرَ، لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ أَيْضًا عِنْدِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْت مِثْلَ تَمْرِ إفْرِيقِيَةَ، فَإِنَّهُمْ يَجُدُّونَهُ بُسْرًا إذَا بَدَا قَبْلَ أَنْ يُرَطَّبَ، ثُمَّ يَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَتَتَمَّرَ عَلَى ظُهُورِ الْبُيُوتِ وَفِي الْأَنَادِرِ، أَرَأَيْت إنْ اقْتَسَمَاهُ بَعْدَمَا جَدَّاهُ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا اقْتَسَمَاهُ كَيْلًا.

قُلْتُ: وَلَا يُخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّمْرُ بِالتَّمْرِ لَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَفَّ وَانْتَقَصَ لَا يُدْرَى أَيَكُونُ ذَلِكَ سَوَاءً أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرُّطَبَ كُلَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا اقْتَسَمَاهُ فَلَا شَكَّ أَنَّ نُقْصَانَ ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ.

قُلْتُ: وَيُصْلَحُ الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ، رَأَيْتُ أَنَا أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا اقْتَسَمَاهُ، ثُمَّ جَفَّ بَعْد ذَلِكَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصَارَ تَمْرًا فَذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ أَيْضًا مَا كَانَ بِهِ بَأْسٌ لِأَنَّهُ الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمَاهُ بَلَحًا صِغَارًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَاهُ عَلَى التَّحَرِّي اجْتَهَدَا حَتَّى خَرَجَا مِنْ وَجْهِ الْمُخَاطَرَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الْبَلَحُ الصَّغِيرُ عَلَفٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ بَقْلٌ مِنْ الْبُقُولِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ وَفَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ فَضَلَهُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِبَلَحِ نَخْلَةٍ بِبَلَحِ نَخْلَتَيْنِ، عَلَى أَنْ يَجُدَّاهُ مَكَانَهُمَا إذَا كَانَ الْبَلَحُ صَغِيرًا.

قُلْتُ: وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا هَذَا الْبَلَحَ وَحَاجَتُهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؟

قَالَ: نَعَمْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ حَاجَتُهُمَا إلَى الْبَلَحِ سَوَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُشْبِهُ الرُّطَبَ بِالرُّطَبِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَقْلِ وَالْعَلَفِ.

قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَسَمَا هَذَا الْبَلَحَ فَلَمْ يَجُدَّاهُ حَتَّى صَارَ بَلَحًا كِبَارًا لَا يُشْبِهُ الرُّطَبَ، أَيُنْتَقَضُ الْقَسْمُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَأَحَدُهُمَا قَدْ فَضَلَ صَاحِبَهُ فِي الْقِسْمَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا اقْتَسَمَاهُ عَلَى تَفَاضُلٍ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى إنْ كَانَا اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى غَيْرِ تَفَاضُلٍ، وَكَانَ إذَا كَبِرَ يَتَفَاضَلُ فِي الْكَيْلِ، فَأَرَاهُ مَفْسُوخًا، وَإِلَّا لَمْ أَرَهُ مَفْسُوخًا إلَّا أَنْ يُزْهِيَ قَبْلَ أَنْ يَجُدَّاهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَجُدَّ أَحَدُهُمَا أَوْ يَكُونَا قَدْ جَدَّا، إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ بَقِيَ لَهُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ شَيْءٌ لَمْ يَجُدَّهُ حَتَّى أَزْهَى. قَالَ: وَإِذَا أَكَلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ فِي الْقَسْمِ، وَأَكَلَ الْآخَرُ نِصْفَ مَا صَارَ لَهُ فِي الْقَسْمِ، أَيُنْتَقَضُ الْقَسْمُ فِي نِصْفِ مَا أَكَلَ الَّذِي أَكَلَ جَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ قِيمَةِ مَا صَارَ لَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ هَذَا الَّذِي أَزْهَى فِيمَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا؟

قَالَ: وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إذَا اقْتَسَمَاهُ بَقْلًا عَلَى أَنْ يَحْصُدَاهُ فَتَرَكَاهُ حَتَّى أَفْرَكَ أَوْ تُرِكَ بَعْضُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015