يُتَّهَمُ بِذَلِكَ، فَاسْتَحْلَفَهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، أَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ أَمْ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي؟
قَالَ: لَا يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يُحَلِّفَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ فِي الْحُقُوقِ عَلَى الْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، فَكَذَلِكَ هَذَا فِي مَسْأَلَتِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ.
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا، فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ خَلَقًا، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: غَصَبْتَنِيهِ جَدِيدًا؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَحَلَفَ، وَأَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الثَّوْبَ خَلَقًا، ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ جَدِيدًا، أَتُجِيزُ بَيِّنَتَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً يَوْمَ اسْتَحْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ يَعْلَمُ بِهَا، فَاسْتَحْلَفَهُ وَرَضِيَ بِيَمِينِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ الْبَيِّنَةَ وَرَضِيَ بِيَمِينِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، فَجَحَدَهُ فَاسْتَحْلَفَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ، ثُمَّ أَصَابَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً يَشْهَدُونَ لَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَعْلَمْ بِبَيِّنَةٍ حِينَ أَحْلَفَهُ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا.
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اغْتَصَبْت مِنْ رَجُلٍ سَوِيقًا فَلَتَتّهُ بِسَمْنٍ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ؟
قَالَ: تَضْمَنُ لَهُ سَوِيقًا مِثْلَ ذَلِكَ السَّوِيقِ.
قُلْتُ: فَإِنْ اغْتَصَبَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّهُ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْغَاصِبِ قِيمَةَ صَبْغِهِ وَيَأْخُذَ ثَوْبَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْغَاصِبِ وَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصَبَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَصَبْتُ مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً فَطَحَنْتُهَا دَقِيقًا؟
قَالَ: أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ، أَنْ يَضْمَنَ لَهُ حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ السَّارِقِ الَّذِي يَسْرِقُ الدَّابَّةَ، فَيَجِدُهَا صَاحِبُهَا