المدونه (صفحة 1932)

فَفَاتَتْ الْجَارِيَةُ، مَا يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ؟ وَهَلْ يَكُونُ رَبُّ الْجَارِيَةِ مُخَيَّرًا فِي هَذَا، فِي أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصَبَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يُجِيزَ بَيْعَهُ؟ هَلْ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي هَذَا كُلِّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: أَمَّا إذَا فَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ وَقَدْ زَادَتْ قِيمَتُهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ عِنْدَ مَالِكٍ شَيْءٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصَبَهَا. وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا، فَرَبُّ الْجَارِيَةِ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ. وَأَمَّا إنْ قَتَلَهَا الْغَاصِبُ وَقَدْ زَادَتْ عِنْدَهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصَبَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ لَكَانَ ضَامِنًا لَقِيمَتِهَا يَوْمَ غَصَبَهَا، فَكَذَلِكَ إذَا زَادَتْ، وَلَا يُشْبِهُ الْأَجْنَبِيَّ إذَا قَتَلَهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَلَيْسَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ قَتَلَهَا، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصَبَهَا الْغَاصِبُ، فَيَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ تَمَامُ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصَبَهَا.

[فِيمَنْ اغْتَصَبَ جَارِيَةً فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأَتَى سَيِّدُهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأَتَى سَيِّدُهَا، مَا يَكُونُ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِسَيِّدِهَا عَلَى هَذَا الَّذِي اشْتَرَاهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ وَتَكُونُ لِسَيِّدِهَا عَلَى الَّذِي اغْتَصَبَهَا قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصَبَهَا إنْ أَحَبَّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ الْغَاصِبُ فَذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ بَاعَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: وَلِمَ أَجَزْتَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ الْغَاصِبِ الْجَارِيَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ السَّاعَةَ حِينَ يُجِيزُ سَيِّدُهَا الْبَيْعَ وَالْجَارِيَةُ مَيْتَةٌ، وَبَيْعُ الْمَوْتَى لَا يَحِلُّ؟

قَالَ: لَيْسَ هَذَا بَيْعُ الْمَوْتَى، إنَّمَا هَذَا رَجُلٌ أَخَذَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِي هَذَا إلَى حَيَاتِهَا وَلَا إلَى مَوْتِهَا إذَا رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

[اغْتَصَبَ جَارِيَة فَبَاعَهَا فَاشْتَرَاهَا رَجُل لَا يَعْلَم بِالْغَصْبِ فَقَتَلت عِنْده فَأَخَذَ أرشها ثُمَّ قَدِمَ سَيِّدُهَا]

فِيمَنْ اغْتَصَبَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَبَاعَهَا فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ فَقُتِلَتْ عِنْدَهُ فَأَخَذَ لَهَا أَرْشًا ثُمَّ قَدِمَ سَيِّدُهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، فَبَاعَهَا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ، فَقُتِلَتْ عِنْدَهُ فَأَخَذَ لَهَا أَرْشًا، ثُمَّ قَدِمَ سَيِّدُهَا فَاسْتَحَقَّهَا؟

قَالَ: سَيِّدُهَا مُخَيَّرٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْغَاصِبِ يَوْمَ غَصَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ الْغَاصِبُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ لِسَيِّدِهَا أَيْضًا، إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْعَقْلَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الَّذِي قَتَلَ الْجَارِيَةَ، يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إنْ أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْهُ ذَلِكَ الْعَقْلَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ نَفْسُهُ قَتَلَهَا، فَأَرَادَ سَيِّدُ الْجَارِيَةِ حِينَ اسْتَحَقَّهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ جَارِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015