فِي الْقَوْمِ يَشْهَدُونَ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَالْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ جَمِيعًا يُنْكِرَانِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا، وَالْعَبْدُ يُنْكِرُ وَالسَّيِّدُ يُنْكِرُ؟
قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا، وَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرِقَّ نَفْسَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ، أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا عَنْهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ حِينَ اشْتَرَاهُ.
ً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَدَّعِي قِبَلَ الرَّجُلِ حَدًّا مِنْ الْحُدُودِ، فَيُقَدِّمُهُ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولُ بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ أَجِيئُك بِهَا غَدًا أَوْ الْعَشِيَّةَ، أَيَحْبِسُ السُّلْطَانُ هَذَا أَمْ لَا يَحْبِسُهُ؟
قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا أَوْقَفَهُ وَلَمْ يَحْبِسْهُ؛ إذْ رَأَى السُّلْطَانُ لِذَلِكَ وَجْهًا وَكَانَ أَمْرًا قَرِيبًا، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَاحِدًا، فَيَحْبِسُهُ لَهُ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ كَفِيلًا. وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحَاتِ وَفِيمَا يَكُونُ فِي الْأَبَدَانِ، لَا يُؤْخَذُ بِهِ كَفِيلٌ.
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَقَمْت الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَقَدْ مَاتَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ عَبْدِي، أَيُقْضَى لِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى الَّذِي مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَصَبَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ فِي يَدِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، فَيُسَافِرُ الْعَبْدُ أَوْ يَغِيبُ، فَيَدَّعِيهِ رَجُلٌ وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، أَيَقْبَلُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ غَائِبٌ، وَكَيْفَ هَذَا فِي الْمَتَاعِ وَالْحَيَوَانِ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ، أَيَقْبَلُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إذَا وَصَفُوهُ وَعَرَفُوهُ، وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ.