قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنَّ الْكِرَاءَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ رُبْعَهَا أَوْ خُمْسَهَا، قَالَ: وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَكْرَى رُبْعَ دَارِهِ أَوْ خُمْسَ دَارِهِ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ بِالْأَذْرُعِ؟
قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: أُكْرِيكَ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِي مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ مَوْضِعًا مَعْلُومًا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةً فَلَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يُسَمِّيَ لَهُ الْمَوْضِعَ، وَهَذَا رَأْيِي.
فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ لِلزَّرْعِ وَفِيهَا نَخْلٌ أَوْ شَجَرٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَرْضًا بَيْضَاءَ لِلزَّرْعِ وَفِيهَا نَبْذٌ مَنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ لِمَنْ تَكُونُ ثَمَرَةُ تِلْكَ الشَّجَرِ أَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَمْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: الثَّمَرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ الثُّلُثَ فَأَدْنَى فَاشْتَرَطَهُ الْمُتَكَارِي فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَاشْتَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَكَانَ الْكِرَاءُ فَاسِدًا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَاشْتَرَطَهَا وَزَرَعَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: الثَّمَرَةُ عِنْدَ مَالِكٍ لِصَاحِبِهَا وَيَقُومُ عَلَى الْمُتَكَارِي كِرَاءُ الْأَرْضِ بِغَيْرِ ثَمَرَةٍ وَيُعْطَى الْمُتَكَارِي أَجْرَ مَا سَقَى بِهِ الثَّمَرَةَ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ أَوْ سَقْيٌ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ إنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا، وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ بَقْلٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَذَلِكَ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَاشْتَرَطْتُهُ لِنَفْسِي حِينَ اكْتَرَيْت الْأَرْضَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ التَّافِهُ الْيَسِيرُ جَازَ ذَلِكَ وَلَسْت أَبْلُغُ بِهِ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الرَّجُلِ يَتَكَارَى الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ وَفِيهَا النَّخَلَاتُ أَوْ السِّدْرَةُ أَوْ الدَّالِيَةُ وَفِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَيَشْتَرِطُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَا ثَمَرَ فِيهَا فَاشْتَرَطَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِهَا لِنَفْسِهِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَلَا صَاحِبُ الْكِرَاءِ نِصْفَ مَا فِي شَجَرِهِ أَوْ نِصْفَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَمَا يَجُوزُ لِمُسَاقِي النَّخْلِ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ مَا يَزْرَعُ فِي الْبَيَاضِ إذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَشْتَرِطَ