قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَهُرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ حَيْضَتِهَا فِي رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ، أَتَدَعُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بَقِيَّةَ نَهَارِهَا؟
قَالَ: لَا وَلْتَأْكُلْ وَلْتَشْرَبْ وَإِنْ قَدِمَ زَوْجُهَا مِنْ سَفَرٍ وَهُوَ مُفْطِرٌ فَلْيَطَأْهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً فَحَاضَتْ فِي رَمَضَانَ أَتَدَعُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهَا؟ فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى الطُّهْرَ فِي آخِرِ لَيْلَتِهَا مِنْ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ اغْتَسَلَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَصِيَامُهَا مُجْزِئٌ عَنْهَا، وَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَيْسَتْ بِصَائِمَةٍ وَلْتَأْكُلْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَ: وَإِنْ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ فَشَكَّتْ أَنْ يَكُونَ كَانَ الطُّهْرُ لَيْلًا قَبْلَ الْفَجْرِ فَلْتَمْضِ عَلَى صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلْتَقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ.
قُلْتُ: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ عَلَيْهَا الْقَضَاءَ هَهُنَا؟
قَالَ: لِأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ طَهُرَتْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ، فَإِنْ كَانَ طُهْرُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَصْبَحَتْ حَائِضًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ. عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقَعَ أَهْلَهُ ثُمَّ نَامَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى أَصْبَحَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثُمَّ صَامَ يَوْمَهُ ذَلِكَ» .
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أُغْمِيَ عَلَيْهِ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، أَيَقْضِي صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ، رَأَيْتُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَضَى أَكْثَرَ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَلَوْ أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ وَنِيَّتُهُ الصِّيَامُ إلَى انْتِصَافِ النَّهَارِ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيُجْزِئُهُ صِيَامُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟
قَالَ: نَعَمْ يُجْزِئُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَيَّامًا هَلْ يُجْزِئُهُ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ إنْ نَوَى أَنْ يَصُومَهُ حِينَ أَفَاقَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ فَلَا صِيَامَ لَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ وَقَدْ نَوَى صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَمْ يُفِقْ إلَّا عِنْدَ الْمَسَاءِ مَنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، هَلْ يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَمَا أَضْحَى، أَيُجْزِئُهُ صَوْمُ يَوْمِهِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَمْ يُفِقْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُهُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَدْ كَانَ سَهِرَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا فَنَامَ نَهَارَهُ كُلَّهُ وَضَرَبَ عَلَى أُذُنِهِ النَّوْمُ حَتَّى اللَّيْلِ أَجْزَأَ عَنْهُ صَوْمُهُ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ مِنْ