قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْغَنَمِ وَالرَّاحِلَةِ بِعَيْنِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الرَّاحِلَةَ وَقَعَ عَلَيْهَا الْكِرَاءُ بِعَيْنِهَا وَهِيَ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ، وَأَمَّا الْغَنَمُ فَلَا تُكْرَى وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الرَّجُلِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ إنْ اشْتَرَطَ إنْ مَاتَ هَذَا الْأَجِيرُ فَفِي مَالِهِ أَنْ يُؤْتَى بِغَيْرِهِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، فَالرَّجُلُ مَوْضِعُ الرَّاحِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْغَنَمُ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الرَّاحِلَةِ.
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا يَعْمَلُ لِي شَهْرًا أَوْ اكْتَرَيْتُ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَلَى حُمُولَةٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْمِلَنِي أَنَا نَفْسِي بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى هَذَا أَتَانِي لِيَقْبِضَ الثَّوْبَ فَقُلْتُ: لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ الثَّوْبَ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حُمُولَتِي أَوْ تَعْمَلَ فِي إجَارَتِكَ؟
قَالَ: إنْ كَانَ كِرَاءُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ بِالنَّقْدِ أُجْبِرَ عَلَى النَّقْدِ.
وَإِنْ كَانَ كِرَاءُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِالنَّقْدِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْكِرَاءُ وَلَا هَذِهِ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ نَقْدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ نَقْدًا فَالْكِرَاءُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ يُعْطِيهِ الثَّوْبَ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَكَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ حَيَوَانًا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرْتُهُ بِطَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ اكْتَرَيْتُ بِطَعَامٍ بِعَيْنِهِ لِيَحْمِلَ لِي حُمُولَتِي إلَى مَكَّةَ؟
قَالَ: إنْ كَانَ الْكِرَاءُ عِنْدَهُمْ نَقْدًا أُجْبِرَ عَلَى النَّقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ وَقَعَ بِالنَّقْدِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ: يَبِيعُ طَعَامًا فِي مَوْضِعٍ غَائِبٍ مِنْ رَجُلٍ وَقَدْ رَآهُ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَشْتَرِطُ إنْ أَدْرَكَ الطَّعَامَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ مِثْلُهُ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَلَى أَيِّ الطَّعَامَيْنِ وَقَعَ بَيْعُهُ فَالْكِرَاءُ مِثْلُ الْبَيْعِ.
قُلْتُ: وَالْعُرُوضُ وَالطَّعَامُ عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةُ عَلَى النَّقْدِ فَلَا بَأْسَ بِالْكِرَاءِ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّهُ اكْتَرَى مِنْهُ إلَى مَكَّةَ عَلَى حُمُولَةٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اكْتَرَى مِنْهُ دَارِهِ سَنَةً بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِعَيْنِهَا أَوْ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ بِعَيْنِهَا فَوَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى هَذَا فَأَبَى أَنْ يَنْقُدَهُ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ أَوْ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الَّذِي لَهُ مِنْ كِرَائِهِ وَمِنْ عَمَلِ الْأَجِيرِ وَمِنْ سُكْنَى الدَّارِ؟
قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِنْدَهُمْ بِالنَّقْدِ دَفَعَ الدَّنَانِيرَ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ عِنْدَهُمْ عَلَى غَيْرِ النَّقْدِ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا إلَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا