الْعَطَاءِ فَلَمْ يَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَاللَّحْمُ وَكُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ مِمَّا يَتَبَايَعُ النَّاسُ بِهِ فَهُوَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ وَيُبَيِّنُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ إلَى الْعَطَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَطَاءُ مَعْلُومًا مَأْمُونًا إذَا كَانَ يَشْرَعُ فِي أَخْذِ مَا اشْتَرَى وَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُجَبَّرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ كَذَا وَكَذَا رَطْلًا بِدِينَارٍ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا، وَالثَّمَنُ إلَى الْعَطَاءِ فَلَمْ يَرَ أَحَدٌ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَلَمْ أُسَمِّ عَدَدَ الْأَذْرُعِ فَقُلْتُ: قِيسُوهَا فَقَدْ أَخَذْتهَا كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قُلْتُ: قَدْ أَخَذْت هَذَا الثَّوْبَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذِهِ الثِّيَابَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَقُلْتُ: اذْرَعُوهَا وَلَمْ أُسَمِّ الْأَذْرُعَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنَّ الدَّارَ جَائِزَةٌ وَالثِّيَابَ جَائِزَةٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْأَثْوَابَ كُلُّ ثَوْبَيْنِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الْغَنَمَ كُلُّ شَاتَيْنِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَأَصَبْتُ فِيهَا مِائَةَ ثَوْبٍ وَثَوْبًا أَوْ أَصَبْت فِي الْغَنَمِ مِائَةَ شَاةٍ وَشَاةٍ هَلْ يَلْزَمُنِي الشَّاةُ الْبَاقِيَةُ أَوْ الثَّوْبُ الْبَاقِي الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ آخَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَلْزَمُكَ نِصْفُ الْعَشَرَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قُلْتُ: أَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الْغَنَمَ كُلُّ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ أَوْ كُلُّ ثَوْبَيْنِ بِدِينَارٍ فَأَصَابَ فِي ذَلِكَ ثَوْبًا زَائِدًا فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّينَارِ فَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ
فِي بَيْعِ الشَّاةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّاةَ إذَا بَاعَهَا الرَّجُلُ أَوْ الْبَعِيرَ أَوْ الْبَقَرَةَ وَاسْتَثْنَى مِنْهَا ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا أَوْ نِصْفًا أَوْ اسْتَثْنَى جِلْدَهَا أَوْ رَأْسَهَا أَوْ فَخِذَهَا أَوْ كَبِدَهَا أَوْ صُوفَهَا أَوْ شَعْرَهَا أَوْ كُرَاعَهَا أَوْ اسْتَثْنَى بُطُونَهَا كُلَّهَا أَوْ اسْتَثْنَى أَرْطَالًا مُسَمَّاةً، كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً أَيَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ كُلُّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: أَمَّا إذَا اسْتَثْنَى مِنْهَا ثُلُثَهَا أَوْ رُبْعَهَا أَوْ نِصْفَهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى جِلْدَهَا أَوْ رَأْسَهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
قُلْتُ: وَلِمَ أَجَازَهُ فِي السَّفَرِ وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ؟
قَالَ: السَّفَرُ إذَا اسْتَثْنَى فِيهِ الْبَائِعُ الرَّأْسَ أَوْ الْجِلْدَ فَلَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثَمَنٌ.
قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا يَطْلُبُ بِشِرَائِهِ اللَّحْمَ.