وَالطَّعَامُ أَبْيَنُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ بَيَّنَ الطَّعَامَ الَّذِي بِهِ اشْتَرَى تِلْكَ السِّلْعَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا قَبْلَ هَذَا وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ.
فِيمَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَبَاعَهَا مُرَابَحَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً فَوَطِئْتُهَا وَكَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَضْتُهَا أَوْ ثَيِّبًا فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهَا مُرَابَحَةً وَلَا أُبَيِّنَ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الِافْتِضَاضِ شَيْئًا إلَّا أَنَّا سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الثَّوْبَ فَيَلْبَسُهُ أَوْ الدَّابَّةَ فَيُسَافِرُ عَلَيْهَا أَوْ الْجَارِيَةَ فَيَطَؤُهَا فَيَبِيعُهُمْ مُرَابَحَةً فَقَالَ: أَمَّا الثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ فَلَا حَتَّى يُبَيِّنَ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ اشْتَرَاهَا بِكْرًا فَافْتَضَّهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَدَّهَا وَمَا نَقَصَ الِافْتِضَاضُ مِنْهَا فَلَا أَرَى أَنْ يَبِيعَهَا حَتَّى يُبَيِّنَ إذَا كَانَتْ مِنْ الْجَوَارِي الَّتِي يُنْقِصهُنَّ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْجَوَارِي الَّتِي لَا يُنْقِصهُنَّ الِافْتِضَاضُ وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا عَيْبًا فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنَ.
قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ وَخْشَ الرَّقِيقِ إذَا اُفْتُضَّتْ كَانَ أَرْفَعُ لِثَمَنِهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لِعُذْرَتِهَا قِيمَةٌ عِنْدَ التُّجَّارِ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنَ، وَإِنْ كَانَ الِافْتِضَاضُ يُنْقِصُهَا فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ، وَالْمُرْتَفِعَاتُ مِنْ جِوَارِي الْوَطْءِ هُوَ نُقْصَانٌ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ، وَقَالَ غَيْرُهُ. كُلُّ مَا فَعَلَ بِهِ مِنْ لِبْسٍ أَوْ رُكُوبٍ فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ يُغَيِّرُ شَيْئًا عَنْ حَالِهِ وَكَانَ أَمْرًا خَفِيفًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنَ.
فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يُزَوِّجُهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَزَوَّجْتُهَا أَأَبِيعُهَا مُرَابَحَةً وَلَا أُبَيِّنُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ تَبِيعَ مُرَابَحَةً حَتَّى تُبَيِّنَ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَهَا عَيْبٌ، وَلَا تَبِيعُهَا أَيْضًا غَيْرَ مُرَابَحَةٍ حَتَّى تُبَيِّنَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا.
قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ فَعَلِمَ بِذَلِكَ فَقَامَ الْمُشْتَرِي فَطَلَبَ الْبَائِعُ؟
قَالَ: إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ أَوْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ وَكَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَرَضِيَ بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا أَحُطُّ عَنْكَ الْعَيْبَ وَمَا يُصِيبُهُ وَلَيْسَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ الْيَسِيرُ فِي الْبَيْعِ فَوْتًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِي بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ يَجِدُ عَيْبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْحَوَالَةِ وَالنَّقْصِ الْيَسِيرِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، فَإِذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ فَسَادٌ لَمْ يَكُنْ فَوْتُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِاَلَّذِي