عَلَى الطَّعَامِ وَمَا لَمْ يُشْتَرَطْ إذَا أَقَالَهُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ ثَمَنَ الْإِرْدَبِّ الْبَاقِي قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ السَّاعَةَ.
قُلْتُ: فَإِنْ غَابَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الطَّعَامِ وَمَعَهُ نَاسٌ لَمْ يُفَارِقُوهُ يَشْهَدُونَ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ هُوَ الطَّعَامُ الَّذِي بِعْتُهُ بِعَيْنِهِ؟
قَالَ: إذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَعْضِهِ وَلَا يَتَعَجَّلُ ثَمَنَ مَا بَقِيَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ.
قُلْتُ: لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَعْضِهِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ ثَمَنَ مَا بَقِيَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ تَعْجِيلُ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُبْتَاعِ: عَجِّلْ لِي نِصْفَ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْكَ نِصْفَ هَذَا الطَّعَامِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْكَ فَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ عَلَى تَعْجِيلِ حَقٍّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا عَرَضٌ وَذَهَبٌ بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ.
قُلْتُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ وَجَبَتْ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ ثَمَنِ طَعَامِهِ إلَى أَجَلٍ فَأَخَذَ خَمْسِينَ إرْدَبًّا وَتَرَكَ الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْخَمْسِينَ الَّتِي لَمْ يُقِلْهُ مِنْهَا وَخَمْسِينَ دِينَارًا حَطَّهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا تَعَجَّلَهَا وَبِالْخَمْسِينَ الْإِرْدَبِّ الَّتِي ارْتَجَعَهَا فَيَدْخُلُهُ سِلْعَةٌ وَذَهَبٌ نَقْدًا بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ.
قُلْتُ: فَمَا بَالُهُ إذَا أَقَالَهُ مِنْ خَمْسِينَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ ثَمَنَ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ لِمَ لَا يَدْخُلُهُ أَيْضًا هَذَا لِمَ لَا يَكُونُ كَأَنَّهُ رَجُلٌ بَاعَهُ مِائَةَ دِينَارٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ بِخَمْسِينَ إرْدَبًّا وَخَمْسِينَ دِينَارًا أَرْجَأَهَا لَمْ يُفْسِدْهُ بِهَذَا الْوَجْهِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَيُتَّهَمَ أَنْ يَكُونَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُ شَيْءٍ يَفْسُدُ بِهِ بَيْعُهُمَا وَهَذَا إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ إرْدَبًّا كَانَ بَاعَهَا إيَّاهُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَأَخَذَهَا مِنْهُ بِخَمْسِينَ وَأَرْجَأَ عَلَيْهِ الْخَمْسِينَ الدِّينَارِ ثَمَنًا لِلْخَمْسِينَ الْإِرْدَبِّ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى حَالِهَا إلَى أَجَلِهَا فَلَا بَأْسَ بِهَذَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
فِي الرَّجُلِ يُسْلِفُ دَابَّةً فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَبِرْذَوْنًا أَوْ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَسِلْعَةً غَيْرَ الْبِرْذَوْنِ وَيَضَعُ عِنْدَمَا بَقِيَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَسْلَمَ بِرْذَوْنًا إلَى رَجُلٍ فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ إلَى أَجَلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَبِرْذَوْنًا عَلَى أَنْ هَضَمَ عَنْهُ الْخَمْسَةَ الْأَثْوَابِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَسِلْعَةً سِوَى الْبِرْذَوْنِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ هَذَا لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ عَنِّي وَتَعَجَّلْ، وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا بَيْعٌ وَسَلَفٌ.