قُلْت: وَأَيْنَ وَجْهُ السَّلَفِ؟
قَالَ: مَا اُرْتُجِعَ مِنْ حِنْطَتِهِ فَذَلِكَ السَّلَفُ.
قُلْت: فَأَيْنَ يَدْخُلُهُ الْبَيْعُ؟
قَالَ: مَا أَمْضَى لَهُ مِنْ حِنْطَتِهِ بِالثَّوْبِ فَهَذَا الْبَيْعُ، فَصَارَ فِي هَذِهِ الصَّفْقَةِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَلَا يَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ:، قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثِيَابًا وَاَلَّذِي سُلِّفَ فِيهِ عَرْضٌ سِوَى الثِّيَابِ حَيَوَانٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا اسْتَرْجَعَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى أَنْ أَخَذَ بَعْضَ سَلَمِهِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَا وَصَفْت لَك.
قُلْت: فَإِنْ اسْتَرْجَعَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ سَلَمَهُ كُلَّهُ الَّذِي كَانَ أَسْلَمَ فِيهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا اسْتَرْجَعَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ بَزًّا أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ صُوفًا أَوْ عَرْضًا لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرُدُّ إلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَعْضَ مَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْهُ وَيَثْبُتُ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ كَمَا هُوَ عَلَى حَالِهِ. قُلْت: وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ الَّذِي أَسْلَمَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ طَعَامًا وَقَدْ تَفَرَّقَا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ وَيَأْخُذَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي اسْتَرْجَعَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ نَوْعِ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَجُوزُ إذَا افْتَرَقَا لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ هُوَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا فَلَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَعْضِهِ وَيَرُدَّ إلَيْهِ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ وَيَتْرُكَ الْحَقَّ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ كَمَا هُوَ وَالطَّعَامُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُخَالِفًا لِلْعُرُوضِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عُرُوضًا لِأَنَّ الْعَرْضَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ افْتَرَقَا وَالذَّهَبُ وَالدَّنَانِيرُ وَالطَّعَامُ لَا نَعْرِفُ أَنَّهَا بِعَيْنِهَا إذَا افْتَرَقَا.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ فَأَتَيْته قَبْلَ الْأَجَلِ فَقُلْت لَهُ: زِدْنِي فِي طُولِ الثَّوْبِ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أُخْرَى وَنَقَدْته أَيَجُوزُ هَذَا؟ .
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: وَلِمَ أَجَزْته وَقَدْ صَارَتْ صَفْقَةً وَاحِدَةً فِيهَا دَرَاهِمُ نَقْدًا وَدَرَاهِمُ إلَى أَجَلٍ بِثَوْبٍ إلَى أَجَلٍ؟ قَالَ: لَيْسَ هِيَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُمَا صَفْقَتَانِ وَلَوْ كَانَتَا صَفْقَةً وَاحِدَةً مَا جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي النَّسْجِ إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ الْغَزْلَ إلَى النَّسَّاجِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ فَزَادَهُ دَرَاهِمَ وَزَادَهُ غَزْلًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ سَبْعَةً فِي أَرْبَعٍ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ.