الثَّوْبِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَخَذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَدَفَعَ إلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ اسْتَأْنَى بِالطَّعَامِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اُسْتُوْفِيَ ثُمَّ بِيعَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا دُفِعَ إلَى الْآمِرِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ كَانَ الْفَضْلُ لِلْآمِرِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ كَفَافًا دُفِعَ إلَى الْمَأْمُورِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا كَانَ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا تَعَدَّى.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَمْ يُسْلِمْ الثَّوْبَ فِي شَيْءٍ وَلَكِنْ بَاعَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُبَاعُ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ أَوْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بِعَرْضٍ مُعَجَّلٍ، ثُمَّ يُبَاعُ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءُ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْآمِرُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُبَاعُ بِهِ ثَوْبُهُ فَذَلِكَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَذَلِكَ لِلْآمِرِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ فَذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا تَعَدَّى.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى؟ .
قَالَ: يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ يَوْمَ تَعَدَّى فِيهِ وَبَاعَهُ بِالدَّيْنِ فَيُعْمَلُ فِي قِيمَتِهِ مِثْلُ مَا وَصَفْت لَك فِي ثَمَنِهِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ سِلْعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهَا الْمَأْمُورُ بِنَقْدٍ.
قَالَ مَالِكٌ: يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ السِّلْعَةِ السَّاعَةَ، فَإِنْ كَانَ مَا بَاعَهَا بِهِ الْمَأْمُورُ مِثْلَ قِيمَتِهَا كَانَ ذَلِكَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَهَا بِهِ الْمَأْمُورُ فَضْلٌ عَنْ قِيمَتِهَا كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَهَا بِهِ الْمَأْمُورُ نُقْصَانٌ عَنْ قِيمَتِهَا ضَمِنَ تَمَامَ الْقِيمَةِ لِلْآمِرِ بِمَا تَعَدَّى لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَجَلِ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ أَمْرُهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِثَمَنٍ قَدْ سَمَّاهُ لَهُ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهَا بِالنَّقْدِ؟ .
قَالَ: هُوَ فِي هَذَا إنْ سَمَّى الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ فَهُوَ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بِمَا تَعَدَّى إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا نَقْدًا فَيَكُونُ ذَلِكَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ بِثَمَنٍ قَدْ سَمَّاهُ لَهُ فَيَبِيعُهَا لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَأْتِيهِ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بَعْدَمَا بَاعَهَا فَيَقُولُ لَهُ: لَمْ آمُرْك إلَّا بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي إنَّمَا أَنْتَ نَادِمٌ وَقَدْ أَقْرَرْت أَنَّك أَمَرْتَهُ بِبَيْعِهَا، فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّك أَمَرْته بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، وَيَقُولُ الْمَأْمُورُ: مَا أَمَرْتنِي إلَّا بِعَشَرَةٍ أَوْ فَوَّضْت إلَيَّ اجْتِهَادًا مِنِّي.