قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ اخْتَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَرَبُّ السَّلَمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَا قَبْضَ الطَّعَامِ فِيهِ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: إنَّمَا قَبَضْتُ مِنْك دَرَاهِمَك عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ الطَّعَامَ بِالْفُسْطَاطِ وَقَالَ الَّذِي لَهُ السَّلَمُ إنَّمَا دَفَعْتُ إلَيْك عَلَى أَنْ أَقْبِضَ مِنْك بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ دَفْعُ دَرَاهِمِهِ بِالْفُسْطَاطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا اخْتَلَفَا هَكَذَا نُظِرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ الدَّرَاهِمَ فَيَكُون عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الطَّعَامَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ كَانَ أَسْلَمَ إلَيْهِ بِالْفُسْطَاطِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بِالْفُسْطَاطِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَسْلَمَ إلَيْهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَرَأَى إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبُلْدَانِ فَادَّعَى الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ فِيهِ الدَّرَاهِمَ وَادَّعَى الَّذِي لَهُ السَّلَمُ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ فِيهِ الدَّرَاهِمَ أَيْضًا وَتَصَادَقَا أَنَّ السَّلَمَ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَلَيْسَ يَدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ الدَّفْعَ أَوْ الْقَبْضَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ السَّلَمُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ الْمَوَاضِعُ حَتَّى لَا يُشْبِهَ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّفْعِ فِيهِ احْلِفَا وَفُسِخَ مَا بَيْنَهُمَا.
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اخْتَلَفْت أَنَا وَاَلَّذِي أَسْلَمْت إلَيْهِ فَقُلْت لَهُ: أَسْلَمْت إلَيْك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ: بَلْ أَسْلَمْت إلَيَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي خَمْسِينَ إرْدَبًّا حِنْطَةً قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَقُولُ: إنْ كَانَ لَا يُشْبِهُ مَا قَالَ الْبَائِعُ مِنْ سَلَمِ النَّاسِ نُظِرَ إلَيْهِ مَا قَالَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ سَلَمَ النَّاسِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا يُنْتَقَضُ هَذَا إذَا قَالَ: أَسْلَمْت فِي خَمْسِينَ إرْدَبًّا مِنْ شَعِيرٍ وَقَالَ صَاحِبُهُ: بَلْ أَسْلَمْتُ إلَيْك فِي خَمْسِينَ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَنْوَاعُ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَاخْتَلَفَا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ نُظِرَ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَلَمَ النَّاسِ يَوْمَ أَسْلَمَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَلَمَ النَّاسِ يَوْمَ أَسْلَمَ إلَيْهِ وَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْكَيْلِ إذَا تَصَادَقَا فِي النَّوْعِ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْأَنْوَاعِ، وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْكَيْلِ إذَا تَصَادَقَا فِي النَّوْعِ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً مِنْ صَاحِبِهِ فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِهَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ يَأْتِي بِمَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ اشْتَرَاهَا فَإِذَا أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ