ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْتَقَ فَهَرَبَ السَّيِّدُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَنَقَضَ الْعَهْدَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَبَوْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ، أَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاءُ عَبِيدِهِ الَّذِينَ أَعْتَقَ وَهُوَ عَبْدٌ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ؟
قَالَ: نَعَمْ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَاءُ عَبِيدِهِ حِينَ أَسْلَمَ وَلَا يَرِثُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْتَقَ.
قُلْتُ: فَهَلْ يَرِثُ هَؤُلَاءِ الْمَوَالِي سَيِّدُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي الرِّقِّ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مُكَاتَبَ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الثَّانِي كِتَابَتَهُ قَبْلَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ عَلَى مَالٍ. قَالَ: نَعَمْ لَا يُشْبِهُهُ، لِأَنَّ مُكَاتَبَ الْمُكَاتَبِ إنَّمَا كَاتَبَهُ الْمُكَاتَبُ الْأَعْلَى وَهُوَ مُكَاتَبٌ لِسَيِّدِهِ وَهَؤُلَاءِ أَعْتَقَهُمْ هَذَا الْعَبْدُ يَوْمَ أَعْتَقَهُمْ وَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنَّ الرِّقَّ مَسَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ هَذَا الْعَبْدَ أَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِهَذَا الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَيُجَرُّ وَلَاؤُهُمْ إلَى سَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّ وَلَاءَهُمْ حِينَ أَعْتَقَهُمْ السَّيِّدُ لَوْ أَنَّ سَيِّدَهُمْ أَسْلَمَ وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ وَلَاؤُهُمْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ أَيْضًا فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْتَقِلُ ذَلِكَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِالرِّقِّ الَّذِي أَصَابَهُ وَلَكِنَّهُ إنْ أُعْتِقَ هُوَ نَفْسُهُ فَهُمْ مَوَالِيهِ لِأَنَّهُ هُوَ أَعْتَقَهُمْ وَلَا يَجُرُّ وَلَاءَهُمْ إلَى مَوَالِيهِ وَلَا يَنْقُلُهُمْ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَهُمْ لِأَنَّ وَلَاءَهُمْ قَدْ ثَبَتَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنْ مَا أَعْتَقَ بَعْدَ عِتْقِ السَّيِّدِ إيَّاهُ أَوْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَالِ الرِّقِّ مَنْ وُلِدَ فَإِنَّ وَلَاءَ هَؤُلَاءِ لِلسَّيِّدِ الَّذِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ.
فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يُعْتِقُهُ النَّصْرَانِيُّ فَيُسْلِمُ الْمُعْتَقُ وَيَهْرُبُ السَّيِّدُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَيَسْبِيهِ الْمُسْلِمُونَ فَيَصِيرُ فِي سُهْمَانِ عَبْدِهِ فَيُعْتِقُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ وَهَرَبَ السَّيِّدُ نَصْرَانِيًّا نَاقِضًا لِلْعَهْدِ إلَى دَارِ الشِّرْكِ فَسُبِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَارَ فِي سُهْمَانِ عَبْدِهِ الَّذِي أَعْتَقَ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَسْلَمَ أَيَكُونُ وَلَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ فَقَدْ كَانَ وَلَاءُ هَذَا الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلنَّصْرَانِيِّ الَّذِي هَرَبَ ثُمَّ سُبِيَ فَصَارَ لَهُ رَقِيقًا فَأَعْتَقَهُ فَأَسْلَمَ فَصَارَ وَلَاؤُهُ لِلْعَبْدِ الْمُعْتِقِ فَقَدْ صَارَ وَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلُ النَّسَبِ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إنْ هَلَكَ عَنْ مَالٍ قَالَ: وَالْوَلَاءُ إنَّمَا هُوَ نَسَبٌ مِنْ الْأَنْسَابِ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: الْوَلَاءُ نَسَبٌ ثَابِتٌ.