وَلَاءُ الْعَبْدِ يُعْتِقُهُ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُكَاتَبِ فِي هَذَا، وَمَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ مِنْ عَبِيدِهِ مِمَّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْعَبْدِ دُونَ السَّيِّدِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ مَالُهُ فَحِينَ تَبِعَهُ مَالُهُ جَازَ عَلَيْهِ عِتْقُ عَبْدِهِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لَمْ يَكُنْ رَدَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الرِّقِّ وَأَعْتَقَهُ حِينَ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَجَازَ عِتْقُ الْعَبْدِ فِي عَبْدِهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَ عَبْدِهِ فُسِخَ عِتْقُ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ سَيِّدِهِ وَرُدَّ رَقِيقًا إلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ اسْتَثْنَاهُ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ عِتْقَ الْعَبْدِ إنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ عِتْقَهُ إذَا أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الْأَعْلَى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ الثَّانِي؟
قَالَ: نَعَمْ كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ.
فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ يُكَاتِبُهُ النَّصْرَانِيُّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ ثُمَّ أَسْلَمَ السَّيِّدُ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ. قَالَ: فَإِنَّ وَلَاءَ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّيِّدِ وَلَاؤُهُ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ يَوْمَ عَقَدَ لَهُ الْعِتْقَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْعِتْقِ يَوْمَ وَقَعَ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا كَاتَبَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ، فَإِذَا أَدَّى أُعْتِقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلنَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ؟
قُلْتُ: لِمَ نَظَرْتَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ عُقِدَ لَهُ الْعِتْقُ وَلَا تَنْظُرُ إلَى حَالِهِ يَوْمَ وَقَعَ الْعِتْقُ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ حِينَ عَقَدَ لَهُ مَا عَقَدَ صَارَ لَا يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ وَوَجَبَ لَهُ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى حَالَتِهِ تِلْكَ يَوْمَ وَجَبَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكَ مِنْ عِتْقِ النَّصْرَانِيِّ وَتَدْبِيرِهِ وَكِتَابَتِهِ الْعَبْدَ النَّصْرَانِيَّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ.
فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يُكَاتِبُهُ الْمُسْلِمُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا لِمُسْلِمٍ كَاتَبَهُ فَاشْتَرَى هَذَا الْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا