فِي مطلع فلاح الْقَصْد فبادر يسْعَى على أَقْدَام الْحبّ إِلَى زِيَادَة ربع الْحبّ فكاد يقلهُ قلقلة الوجد فَوجدَ الْهَوَاء متغير الرّيح فِي عرضة الْفَم فصاح بِهِ فصيح لِسَان الحزم من وَرَاء رَأْي الْعَزْم يَا مُوسَى غير أثرا لَازم فَتَنَاول مُضْغَة من النَّبَات فمضغها فَقيل لَهُ أَيهَا الصَّائِم عَن أمرنَا لم افطرت بِرَأْيِك فَقَالَ وجدت لفمي خلوفا وَمَا أردْت بفعلي خلافًا فَقيل مَا علمت أَن فَور فورة الخلوف من قدر الْإِمْسَاك أطيب عندنَا من فارة فارة الْمسك إِنَّا لنَنْظُر إِلَى قصد الْفَاعِل لَا إِلَى صُورَة الْفِعْل الدَّم نجس مجتنب لكنه فِي حق الشَّهِيد شهي (زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ) فَرجع مُوسَى عاكفا على معتكف كف كَفه {فتم مِيقَات ربه} واحضر حَظِيرَة الْقُدس فنسي الْأنس مِمَّا آنس من الْأنس
(فَكل شَيْء رَآهُ ظَنّه قدحا ... وكل شخص رَآهُ ظَنّه الساقي)
فَلَمَّا دارت فِي دَائِرَة دَار الْحبّ كؤوس للقرب وَسمع النداء وسط النادي بِلَا وَاسِطَة وسيط لَهُ من وسيط أقداح المنى فِي الْمُنَاجَاة بِلَا وسيط طَابَ لَهُ شراب الْوِصَال من أوطاب الْخطاب فِي أواني سَماع الْكَلَام فناداه توق شوقه
(أَوَان أَنْت فِي هَذَا الأوان ... عَن الراح المروق فِي الْأَوَانِي)
رأى على الْغَوْر وميضا فاشتاق مَا أجلب الْبَرْق لدمع الأماق فصاح لِسَان الوجد {أَرِنِي} فَرد شارد شحذان الشوق على الطوى بطوق {لن تراني} إِلَّا أَن جزع الْفِطَام سكن شعلة بتعلة {وَلَكِن} فَلَمَّا تجلى جلّ جَلَاله للجبل مر فَخر مُوسَى فِي بَحر الصَّعق فرقا فرقي فرقه ذرْوَة