جمع لأيوب بَين كَثْرَة المَال وَحسن الْأَعْمَال فملا مدحه بالوفاق الْآفَاق فأثارت تِلْكَ الْآثَار حسدا من ابليس قد تقادم مُنْذُ آدم فَقَالَ يَا رب إِن سَلطنِي عَلَيْهِ القيته فِي الْفِتْنَة فالفيته فِي الفئة المفتونين فَقيل قد سلطناك على مَاله من مَال فَمَال إِلَى جَمِيع عفاريته ففرقهم فِي تمزيق مَاله وَتَوَلَّى هُوَ رمي بَيته على بنيه ثمَّ أَتَى فِي صُورَة معلمهم يُعلمهُ فَرَأى ذَلِك لَا يؤلمه انصت الْعَدو ليسمع عربدة السكر فَإِذا أَيُّوب يَتْلُو آيَات الشُّكْر فصاح بِلِسَان حسده سَلطنِي على جسده فَسَلَّطَهُ وَقد سبقه الصبرفتقطع الْجِسْم وداد وَمَا تقطع رسم الوداد فَأخْرجهُ أهل قريته لقرح قرحه إِلَى قرواح كناسَة فَرَمَوْهُ كسيرا كالكسرة وَكسَاء كساده عِنْدهم أَعلَى عندنَا من أغْلى كسْوَة كسْرَى فَلم يزل مَا نزل بِهِ حَتَّى بدا حجاب بَطْنه وَكَانَ يبصر عِظَامه ومعاه مَعًا
للمهيار
(مَا اخْتصَّ مني السقام جارحة ... كل جهاتي أغراض منتبل)
(إِذا لحاظي لجسمي امتعضت ... من الضنا قَالَ قلبِي احْتمل)
فدام هَذَا الْبلَاء عَلَيْهِ سِنِين وفدام الصمت عَن الشكوى على فِيهِ تبين وَلم يبْق غير اللِّسَان للذّكر وَالْقلب للفكر فَلَو أصغى إِلَى نطق