قد خبيت وتيجان الرضى قد رصعت وشراب الْوِصَال يروق فمدوا أَيّدهُم إِلَى مَا اعتصروا من خمر الْهوى فَإِذا بِهِ قد اسْتَحَالَ خلا فافطروا عَلَيْهِ
وَاعجَبا لسكارى من شراب الْحبّ عربدت عَلَيْهِم الْمحبَّة فصلبوا فِي جُذُوع النّخل ارْتقى سُلْطَان عزمهم إِلَى سماوات قُلُوبهم {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا} وَاعجَبا لعزم صلب مَا هاله الصلب لَا تتعرض بِنَار الْمحبَّة إِلَّا أَن يكون لقلبك جلد السمندل أَو صَبر الْفراش
يَا هَذَا الاحتراق على قدر الاشتياق لما اشْتَدَّ شوق الْفراش إِلَى النَّار تعجل احتراقه وهجم يَبْتَغِي الْوِصَال فصَال عَلَيْهِ المحبوب
(لَاذَ بهم يشتكي جواه ... فَلم يجد فِي الْهوى ملاذا)
(وَلم يزل ضارعا إِلَيْهِم ... تهطل أجفانه رذاذا)
(فقربوه فحادثوه ... وأتلفوه فَكَانَ مَاذَا)
لما علم المحبون أَن الصَّبْر مَحْبُوب شمروا لحمل الْبلَاء ثمَّ حلى لَهُم فعدوه نعْمَة
(سقمي فِي الْحبّ عافيتي ... ووجودي فِي الْهوى عدمي)
(وَعَذَاب ترتضون بِهِ ... فِي فمي أحلى من النعم)
كَانَ الرّبيع بن خَيْثَم يَقُول فِي شدَّة مَرضه مَا أحب أَن الله نقصي مِنْهُ قلامة ظفر
(مرض الْحبّ شفائي فِي الْهوى ... كلما أكربني طربني)
(فبقائي من فنائي فِيكُم ... وسروري مِنْكُم فِي حزني)
(وشربتم بوصال مهجتي ... وَأَنا منتظر للثّمن)
(كَيفَ أَرْجُو الْبُرْء من دَاء الْهوى ... وطبيبي فِي الْهوى أَمْرَضَنِي)
(وَإِذا الْبلوى أفادت قربكم ... فَمن النعمى دوَام المحن)