إِذا هبت ريَاح المواعظ أثارت من قُلُوب المتيقظين غيم الْغم على مَا سلف وساقته إِلَى بلد الطَّبْع المنحرف برعد الْوَعيد وبرق الخشية فتترقى دموع الأحزان من بَحر قَعْر الْقلب إِلَى أوج الرَّأْس فتسيل فِي ميازيب الشئون على سطوح الوجنات فَإِذا أعشب السِّرّ إهتز فَرحا بالإنابة
(محت بعدكم تِلْكَ الْعُيُون دموعها ... فَهَل من عُيُون بعْدهَا نستعيرها)
(رحلنا وَفِي سر الْفُؤَاد ضمائر ... إِذا هَب نجدي الصِّبَا يستثيرها)
(أتنسى رياض الْغَوْر بعد فراقها ... وَقد أَخذ الْمِيثَاق مِنْك غديرها)
(يجعده مر الشمَال وَتارَة ... يغازله كرّ الصِّبَا ومرورها)
(الْأَهْل إِلَى شم الخزامى وعر عر ... وشيح بوادي الأثل أَرض نسيرها)
(أَلا أَيهَا الركب الْعِرَاقِيّ بلغُوا ... رِسَالَة محزون خواه سطورها)
(إِذا كتبت أنفاسه بعض وجدهَا ... على صفحة الذكرى محاه زفيرها)
(ترفق رفيقي هَل بَدَت نَار أَرضهم ... أم الوجد يذكي ناره ويثيرها)
(عد ذكرهم فَهُوَ الشِّفَاء وَرُبمَا ... شفى النَّفس أَمر ثمَّ عَاد يضيرها)
(أَلا أَيْن أزمان الْوِصَال الَّتِي خلت ... خلا مَا حلا مِنْهَا وَجَاء مريرها)
(سقى الله أَيَّامًا مَضَت ولياليا ... تضوع رياها وفاح عبيرها)
من تفكر فِي تفريطه أَن وَمن تذكر أَيَّام وَصله حن من سمع صَوت الْحمام ظَنّه لحسن الصَّوْت كلا بل لذكر مَا مر من الْعَيْش إِذا نظر الْأَسير إِلَى نَفسه فِي ضيق الْقد وَلم يقدر على ضك الْقَيْد قطع حزنه حيازيم الْقلب فنفسه بالأسف فِي آخر نفس