أخواني اعرفوا الدُّنْيَا وَقد سلمتم ثمَّ اعْمَلُوا فِيهَا بِمَا عملتم لَا يَغُرنكُمْ مِنْهَا الوفر فَإِنَّكُم فِيهَا سفر أما بعد تَوْطِئَة المهاد الْحفر أتتوطن مني وتنسى النَّفر
(أرى الدُّنْيَا وَمَا وصفت ببر ... مَتى أغنت فَقِيرا أرهقته)
(إِذا خشيت لشر عجلته ... وَإِن رجيت لخير عوقته)
(تعلقهَا ابْن جهل فِي صباه ... فهام بفارك مَا علقته)
(سقته زَمَانه مقرا وصابا ... وكأس الْمَوْت آخر مَا سقته)
(أبادت قصر قَيْصر ثمَّ جَازَت ... بإيوان ابْن هُرْمُز فارتقته)
(أما افتتحت لَهُ فِي الأَرْض بَيْتا ... فآوته النزيل وأطبقته)
(إِذا انفلت إبنها عَنْهَا بزهد ... ثنته بزخرف قد نمقته)
أَتَرَى لم تَنْفَع التجارب أما ترَوْنَ الدُّنْيَا كَيفَ تحارب أَلا تلقونَ حبلها على الغارب أما سيف الْهَلَاك فِي يَد الضَّارِب تالله لقد جلا صبح الْيَقِين ظلام الغياهب الأعزم زاهد يتَوَكَّأ على عَصا رَاهِب
(ودنياك إِن وهبت بِالْيَمِينِ ... يسَار الْفَتى سلبت باليسار)
أخواني احْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا أَسحر من هاروت وماروت ذَانك يفرقان بَين الْمَرْء وزوجه وَهَذِه تفرق بَين العَبْد وربه وَكَيف لَا وَهِي الَّتِي سحرت سحرة بابل إِن أَقبلت شغلت وَإِن أَدْبَرت قتلت