تسفر وتنتقب والغمام يرش وينسكب فانعقد بَين الزَّوْجَيْنِ عقد حب الْحبّ فَلَا يزَال السَّحَاب يسْقِي ذَر الْبذر بثدي الندى وَكلما احْتَاجَ إِلَى فضل قوت كرّ الرك وشط الطش ودق الودق فطم إِلَى أَن فطم الطِّفْل فَإِذا وَقعت شمس الشتَاء فِي الطِّفْل نَشأ أَطْفَال الزَّرْع فارتبع الرّبيع أَوسط بِلَاد الزَّمَان فأعار الأَرْض أَثوَاب الصِّبَا وروح كربها بنسيم الصِّبَا فانتبهت عُيُون النُّور من سنة الْكرَى فكم نهضت من الغروس عروس بَين يَديهَا الأوراق كالوصائف فصافحت رِيحهَا الخياشم ومنظرها الحدق فَكَانَ عين النرجس عين وورقه ورق فالشقايق تحكي لون الحجل والبهار يصف حَال الوجل والنيلوفر يغفي وينتبه والاغصان تعتنق وتفترق وَقد ضرب الرّبيع جلّ ناره فِي جلناره وبثت الأراييح أسرارها إِلَى النسيم فنم فَاجْتمع فِي عرس التواصل فنون القيان فعلا كل ذِي فن على فنن فتطارخت الأطيار مناظرات السجوع فأعرب كل بلغته عَن شوقه إِلَى أَلفه فالحمام يهدر والبلبل يخْطب والقمري يرجع والمكاء يغرد والأغصان تتمايل كلهَا تشكر الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح فَحِينَئِذٍ تَجِد خياشم المشوق ضَالَّة وجده
(لي بِذَات ألبان أشجان ... حبذا من أجلهَا ألبان)
(حبذا رياه يوقظه ... من نسيم الْفجْر ريعان)
(حبذا ورق الْحمام إِذا ... رنحتها مِنْهُ أَغْصَان)
(داعيات بالهديل لَهَا ... فِيهِ أسجاع وألحان)
(أعجميات إِذا نطقت ... لَيْسَ إِلَّا الشوق تبيان)
(كلما غنيتني هزجا ... هاجني للذّكر أحزان)
(مَالِي بِي ميل الغصون بهَا ... طربي فَالْكل نشوان)
(يَا حمام ألبان يجمعنا ... وجدنَا إِذْ نَحن جيران)
(يحن بالشكوى إِلَى فَمَا ... بَين أهل الْحبّ كتمان)