فقد ضرب بوق الرحيل أما تسمع صَوت السَّوْط فِي ظُهُور الْإِبِل أما ترى عجلة السَّلب وَقصر الْعُمر شَارف الركب بلد الْإِقَامَة فاستحث المطى يَا مُشَاهدَة مَا تمت بغيتها حَتَّى وَقع النهب فِيهَا إستلب مِنْك لَك قبل أَن تستلب الْجُمْلَة الْأَيَّام تسرع فِي تبذير مَجْمُوع صُورَتك وَأَنت تسرع فِي تبذير معانيك
يَا شباب الْجَهْل يَا كهول التَّفْرِيط يَا شُيُوخ الْغَفْلَة إجلسوا مَعنا سَاعَة فِي مأتم الأسف يَا سحائب الأجفان إمطري على رباع الذُّنُوب يَا ضيف النَّدَم على الْإِسْرَاف أسكن شغف الْقُلُوب يَا أَيَّام الشيب إِنَّمَا أَنْت بَين دَاع ووداع فَهَل لماض من الزَّمَان ارتجاع
(قفا ودعا نجدا وَمن حل بالحمى ... وَقل لنجد عندنَا أَن تودعا)
(فَلَيْسَ عشيات الْحمى برواجع ... عَلَيْك وَلَكِن خل عَيْنَيْك تدمعا)
(تلفت نَحْو الْحمى حَتَّى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا واخدعا)
(وَاذْكُر أَيَّام الْحمى ثمَّ انثنى ... على كَبِدِي من خشيَة أَن تصدعا)
أخواني سَكرَان الْهوى بعيد الْإِفَاقَة فَلَو تذكر إِقَامَة الْحَد طَار السكر من تحسى مرق الْهوى احترقت شفتاه من أكل من الظُّلم تَمْرَة أَدَّاهَا قوصرة وَيحك اغسل العثرة بعبرة وادفع الحوبة بتوبة مَا دَامَ فِي الْوَقْت مهلة وَفِي زمن السَّلامَة فسحة قبل أَن تَمُوت وتفوت وَتَعْلُو بعد الْخَيل على تَابُوت قبل أَن ترى السّمع وَالْبَصَر قد كلا وَتقول {رب ارْجِعُونِ} فَيُقَال كلا قبل أَن يصير دمع الأسى من جفن من أسى وَيُقَال هلا كَانَ هَذَا قبل هَذَا هلا
(أتترك من تحب وَأَنت جَار ... وتطلبه إِذا بعد المزار)
(وتبكي بعد نأبهم اشتياقا ... وتسأل فِي الْمنَازل أَيْن سَارُوا)
(تركت سُؤَالهمْ وهم حُضُور ... وترجو أَن تخبرك الديار)
(فنفسك لم وَلَا تلم المطايا ... ومت كمدا فَلَيْسَ لَك اعتذار)
يَا من أَجله يذوب ذوبان الثَّلج فِي الْحر أينقشع غيم الْعُمر لَا عَن هِلَال الْهدى أتؤثر الفاني المرذول على النفيس الْبَاقِي