دَار الْأَبْرَار وتخوفوا يَوْم الْفَصْل بَين الْفَرِيقَيْنِ أَن يُصِيبكُم من الْبَين الْبَين
أخواني أبصاركم قَوِيَّة وبصائركم ضَعِيفَة وَمن ترائى هَوَاهُ توارى عَنهُ عقله سُبْحَانَ من ظهر لخلقه بخلقه غير أَن عَالم الْحس لَا يرونه أما قَلْبك من نُطْفَة إِلَى علقَة وَأَنت كالجماد كلما نفخ فِيك الرّوح بعث الزَّاد يساق إِلَيْك من دم الْأُم فتتناوله باجتذاب السُّرَّة إِذْ لَو طرق الْحُلْقُوم تلفت فَلَمَّا خرجت إِلَى فلاة الدُّنْيَا رَأَيْت أدواتي الثديين معلقتين لشربك وَكَانَت عمور الْأَسْنَان تَكْفِي فِي اجتذاب المشروب فَكلما اعتصرته خرج مغربلا لِئَلَّا يَقع شَرق فَلَمَّا قويت المعا وافتقرت إِلَى غذَاء فِيهِ صلابة أنبت الْأَسْنَان لتقطع والأضراس لتطحن وَمن الْعَجَائِب أَنه أخرجت غبيا لَا تعلم شَيْئا فَلَو أخرجك عَاقِلا لرأيت من أَطَم المصائب تقلبك فِي الْخرق والمصائب ثمَّ جعل بكاءك حِينَئِذٍ متقاضيا بالمصالح وَبث القوى فِي باطنك فقوة تطلب الْغذَاء وثانية تجتذبه إِلَى الكبد وثالثة تمسكه لَهَا حَتَّى تطبخه فَيصير دَمًا ورابعة تهضمه وخامسه تفرق بَين صفوة وكدره وسادسة تتولى قسمته فَلَو بعثت إِلَى الخد مَا تبْعَث إِلَى الكخذ صَار بمقداره وسابعة تدفع ثقله
أفيحسن بعد تَفْرِقَة الجامكية على الْعَسْكَر أَن يثبوا فِي الْمُخَالفَة للمنعم ثمَّ انْظُر إِلَى هَذَا الْهَوَاء الَّذِي قد ملئ بِهِ الفضاء كَيفَ تنتصب مِنْهُ النَّفس إِلَى النَّفس ثمَّ هُوَ للاصوات من حَيْثُ الْمَعْنى كالقرطاس يرقم فِيهِ الْحَوَائِج ثمَّ يمتحي فَيَعُود نقيا فأقوام يرقمون فِيهِ الذّكر وَالتَّسْبِيح وَآخَرُونَ يرقمون كل قَبِيح وَكم بَين من يرقم تِلَاوَة الْقُرْآن وَبَين من يرقم أصوات العيدان ثمَّ تَأمل آلَات الْأَصْوَات ترى الرئة كالزق والحنجرة كالأنبوب فَإِذا ظهر الصفر أَخذ اللِّسَان والشفتان فِي صناعته الحانا فَهُوَ كالأصابع الْمُخْتَلفَة على فَم المزمار
ثمَّ تَأمل الأَرْض كَيفَ مدها بساطا وأمسكها عَن الِاضْطِرَاب