النَّفس فاضطرها وحفز ودارت فِي فلك الْفَوْت فَإِذا ملك الْمَوْت قد برز فسماك بالمقبور وبالمبثور قد نبز فتأهب فالسعيد منا من تأهب للخير وانتهز لقد علت سنك وانتهيت وَمَا انْتَبَهت وَلَا انْتَهَيْت اتعبت ألف رايض وَلم تُؤَد الفرايض
كم ضيعت عمرا طَويلا حملت فِيهِ وزرا ثقيلا كم نصب لَك الْمَوْت دَلِيلا إِذْ سَاق الْعَزِيز ذليلا لقد حمل إِلَى الْقُبُور جيلا جيلا ونادى فِي البَاقِينَ رحيلا رحيلا لَكِن الْهوى أعَاد الطّرف كليلا وَمَا كَانَ الَّذِي رَأَيْت قَلِيلا يَا مَرضا عجيبا كم أَتعبت طَبِيبا لقد تنوع ضروبا فَأخذ كل عُضْو نَصِيبا الام يبْقى الْغُصْن رطيبا من يرد برد الصَّبِي قشيبا لقد أَمْسَى الْمَوْت قَرِيبا وستبصر يَوْمًا غَرِيبا
عجبا لَك لَا الدَّهْر يعظك وَلَا الْحَوَادِث تنذرك والساعات تعد عَلَيْك والأنفاس تعد مِنْك وَأحب أمريك إِلَيْك أعودهما بِالضَّرَرِ عَلَيْك
يَا هَذَا من جلا بصيرته من قذى الْهوى جلى على بَصَره عرائس الْهدى الصُّور تزاحم الْمعَانِي فَمن حلهَا حلى بمغنى الْمَعْنى فتعلم حلهَا بالتدريج كل ذرة من الْكَوْن تخبر بلغَة بليغة عَن حِكْمَة الفاطر غير أَنه لَا يفهم نطق الجوامد إِلَّا الْعقل نظر الْأَبْصَار الْيَوْم إِلَى الصَّانِع بِوَاسِطَة الْمَصْنُوع تدريج إِلَى رفع الوسايط غَدا يَا مَحْبُوسًا فِي سجن غفلته أخرج من ديار أدبارك واعبر فِي معبر اعتبارك قف على بعض بقاع قاع ترى كَيفَ نمت خضرَة حَضرته بأسرار الْخَالِق إِذْ تمت تلمح أَصْنَاف النَّبَات فِي ثِيَاب الثَّبَات قد برزت فِي عيد الرّبيع تميس طَربا بِالريِّ تَأمل مُخْتَلف الألوان فِي الْغُصْن الْوَاحِد فَإِن صباغ الْقُدْرَة صناع اسْمَع غناء الْوَرق على عيدَان العيدان لَعَلَّ مقاطع السجوع توجب رُجُوع المقاطع
(وَلَقَد تَشْكُو فَمَا أفهمها ... وَلَقَد أَشْكُو فَمَا تفهمني)