إخْوَانِي كَيفَ الْأَمْن وَهَذَا الْفَارُوق يَقُول لَو أَن لي طلاع الأَرْض ذَهَبا وَفِضة لافتديت بهَا كَيفَ الْأَمْن من هول مَا أَمَامِي قبل أَن أعلم مَا الْخَبَر لما طعن عمر قَالَ لِابْنِهِ ضع خدي على التُّرَاب فَوَضعه فبكا حَتَّى لصق الطين بِعَيْنيهِ وَجعل يَقُول ويلي وويل أُمِّي إِن لم يرحمني رَبِّي وَدخل عَلَيْهِ كَعْب وَكَانَ قد قَالَ لَهُ أَنَّك ميت إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا رَآهُ أنْشد
(وواعدني كَعْب ثَلَاثًا يعدها ... وَلَا شكّ أَن القَوْل مَا قَالَه كَعْب)
(وَمَا بِي حذار الْمَوْت أَنِّي لمَيت ... وَلَكِن حذار الذَّنب يتبعهُ الذَّنب)
وَاعجَبا من خوف عمر مَعَ كَمَاله وأمنك مَعَ نقصانك قيل لِابْنِ عَبَّاس أَي رجل كَانَ عمر فَقَالَ كَانَ الطَّائِر الحذر الَّذِي كَانَ لَهُ بِكُل طَرِيق شركا
يَا مسدود الْفَهم بِكَثْرَة الشواغل احضر قَلْبك لَحْظَة للعظة يَا جَامِدا على وضع طبعه تحرّك إِلَى قطر التَّذْكِرَة يَا عبد الطمع طالع ديار الْأَحْرَار مَا أطول غشية غفلتك فَلِمَنْ نُحدث قَلْبك فِي غلاف غَفلَة وفطنتك فِي غشاوة غباوة وحبل عزمك الْجَدِيد حَدِيد لَو خرج عقلك من سُلْطَان هَوَاك عَادَتْ الدولة عادلة لَو صَحَّ مزاج فطرتك حلا طعم النصح فِي فمك الْمَفْرُوض عنْدك مرفوض وَكَلَام النصيح صَوت الرّيح
يَا تلميذ الْهوى اخْرُج من وصف التّبعِيَّة يَا مُقَيّد الْوُجُود فِي فنَاء الفناء قَامَت قِيَامَة الْمَلَامَة وَمَا تسمع لقد ضحل صَوت النصيح وَلَكِن صلخ صماخ السّمع مَانع
يَا هَذَا لَو وقف مرضك رجونا لَك الْبُرْء وَلَكِن الْمَرَض يزِيد وَقُوَّة الْعَزْم تضعف
(مَتى يلتقي الآلاف والعيس كلما ... تصعد من وَاد هبطن إِلَى وَاد)