المدهش (صفحة 139)

وأصبحت مَنَازِلهمْ {كَأَن لم تغن بالْأَمْس}

يَا قَلِيل اللّّبْث خل الْعَبَث كم حدث جدث فِي حدث يَا موقنا بالرحيل وَمَا اكترث أقبل نصحي ورم الشعث

(إِذا نلْت من دنياك خيرا ففز بِهِ ... فَإِن لجمع الدَّهْر من صرفه شتا)

(فكم من مشت لم يصيف بأَهْله ... وَآخر لم يُدْرِكهُ صيف إِذا شَتَّى)

إنتهب نثار الْخَيْر فِي مَكَان الْإِمْكَان قبل أَن تدخل فِي خبر كَانَ قبل مُعَاينَة الهول الْمخوف الفظيع وتلهف المجدب على زمَان الرّبيع إِنَّمَا أهل هَذِه الدَّار سفر لَا يحلونَ عقد الركاب إِلَّا فِي غَيرهَا فاعجبوا لدار قد أَدْبَرت والنفوس عَلَيْهَا والهة ولأخرى قد أَقبلت والقلوب عَنْهَا غافلة

(وَالله لَو كَانَت الدُّنْيَا بأجمعها ... تبقى علينا وَيَأْتِي رزقها رغدا)

(مَا كَانَ من حق حر أَن يذل لَهَا ... فَكيف وَهِي مَتَاع يضمحل غَدا)

يَا مكرما بحلية الْإِيمَان بعد حلَّة الإيجاد وَهُوَ يخلقها فِي مُخَالفَة الْخَالِق كم من نعْمَة نعْمَة فِي ترف ترف وَمَا يخف عَلَيْك ذكر شكر يَا عبد السوء مَا تساوى قدر قدرتك لَا كَانَت دَابَّة لَا تعْمل بعلفها إِلَى مَتى يخدعك المنى ويغرك الأمل وَيحك إفتح عَيْنك مَتى رَأَيْت الْعقل يوثر الفاني على الْبَاقِي فَاعْلَم أَنه قد مسخ

مازالت الدُّنْيَا مرّة فِي الْعبْرَة وَلَكِن قد مرض ذوقك لِسَان قَلْبك فِي عقلة غَفلَة وَسمع فهمك مسدود عَن الفطنة بقطنة وبصر بصيرتك مَحْجُوب بعشا عمى ومزاج تقواك منحرف عَن الصِّحَّة وَأما نبض الْهوى فشديد الخفقان سَارَتْ اخلاط الأمل فِي أَعْضَاء الكسل فتثبطت عَن البدار وَقد صَارَت المفاصل فِي منافذ الفهوم سددا وَمَا يسهل عَلَيْك شرب مسهل وَيحك إجتنب حلواء الشره فَإِنَّهَا سَبَب حمى الرّوح خل خل الْبُخْل فَإِنَّهُ يُؤْذِي عصب المرؤة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015