لما بَادر بدر الشَّرِيعَة بِالْخرُوجِ إِلَى بدر رأى فِي أَصْحَابه قلَّة فارتقى قلَّة {وشاورهم} فَقَامَ الْمِقْدَاد عَن قَوْله قومة لحق مُتَابعَة الْمُبَايعَة فَقَالَ لَو سرت إِلَى برك الغماد لتابعناك فَمَا لبث الرَّسُول أَن صَار يطْلب بِالْخِطَابِ الْأَنْصَار فَفطن لسعادته سعد بن معَاذ فَقَالَ لَو خضت الْبَحْر لخضنا فَرَأى الْمُصْطَفى فِي الْأَعْدَاء الْعدَد وَالْعدة والتفت إِلَى الْمُسلمين فَوجدَ إِذْ مَا وجد فَاسْتقْبل قبْلَة الطّلب وَاقْتضى كَرِيمًا مَا ماطل فَانْتدبَ مدد العون بِلَا عون فاقبلت سَحَابَة تسحب ذيل النَّصْر فَسمع الْمُشْركُونَ مِنْهَا حَمْحَمَة الْخَيل فحموا وانقلبت قُلُوبهم من يحمومها حما فَنزلت الْمَلَائِكَة مَعَ الْأَلفَيْنِ جِبْرِيل فِي أَلفَيْنِ وَمِيكَائِيل فِي أَلفَيْنِ وَأسرى اسرافيل فِي ألف مرد مُردفِينَ فعدلوا كالغمايم قد سدلوا العمايم وَأرْسلت قُرَيْش رايدا فَعَاد بتأثير سالقي فحذر الْقَوْم الْعَزْل سِهَام العزايم فأثر عَتبه فِي عتبَة وَكَانَ يشيب خوفًا شيبَة وَأحكم حزَام الحزم حَكِيم بن حزَام وأبى للْجَهْل أَبُو جهل
(فلزهم الطراد إِلَى قتال ... أحد سِلَاحهمْ فِيهِ الْفِرَار)
(مضوا متسابقي الْأَعْضَاء فِيهِ ... لأرجلهم بأرؤسهم عثار)