يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي (?).
ولم تذكر الروايات أن النبي كانت له صلة به قبل هذا، بل السيدة خديجة هي التي عرّفته به، ولا أنه أخذ عنه شيئا من معارف أهل الكتاب، ولم يعرف عن ورقة أنه كان من دعاة النصرانية المبشرين بها، ثم إنه لم يلبث أن توفي، وهذا هو الصحيح المعتمد.
وما روي من بقاء ورقة حتى شهد الدعوة المحمدية، والصراع بين المسلمين والمشركين، فغير صحيح، وهي رواية شاذة؛ فهل يعقل أن تكون هذه المقابلة الخاطفة ينبوعا لما جاء به الوحي المحمدي!
وأمّا ما زعموه من انتشار اليهودية والنصرانية في بلاد العرب، ومن تنصّر بعض فصحاء العرب، وشعرائهم، كقس بن ساعدة، وأمية بن أبي الصّلت، ودعوتهم إلى التوحيد، وإشادتهم بقرب ظهور النبي الذي بشرت به التوراة والإنجيل، وتأثر النبي بهم في دعوى النبوة فغير صحيح.
فاليهودية والنصرانية لم تكن منتشرة في بلاد الحجاز، وهي التي بعث منها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن بمكة يهود ولا نصارى، وإنما كان اليهود بجوار المدينة المنورة، ومع هذا فلم يكن لهم أثر يذكر في جيرانهم- الأوس والخزرج- بالمدينة، ولم يتهود من العرب إلا القلة، والذين تنصروا من العرب أقل من القليل، وكانت معارفهم كمعارف أهل الكتاب بالمدينة وغيرها من أطراف الجزيرة العربية، كنجران وبلاد الشام- مشوشة ملفقة محرّفة، مما لا يعقل معه أن تكون مصدرا لما جاء به سيدنا محمد من أخبار وقصص تتسم بالصدق والحق، وعدم التناقض والاضطراب.
وأما قسّ بن ساعدة فقد مات قبل البعثة، ولم يعرف أنه تنصر، وإنما كان من الحنيفيين الذين دعوا إلى التوحيد بفطرتهم، أو تأثروا بما بقي من شريعة الخليل إبراهيم- عليه السلام- وما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه قبل