بوساطة، أو بغير وساطة وأن يهيئ للموحى إليهم من الوسائل ما يجعلهم مستعدين لتلقي الوحي.
وإذا ثبت أن الوحي ممكن وقد أخبر بوقوعه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه واقع وثابت لا محالة.
أما الأخبار بوقوعه فكثيرة في القرآن والسنة الصحيحة الثابتة، فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (4) [سورة النجم: 1 - 4] وقوله سبحانه:
وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ... [سورة الشورى: 52 - 53] وقوله: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (163) [سورة النساء: 163]، وقوله: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) [سورة الجن: 1] إلى غير ذلك من الآيات.
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم «ما من نبي من الأنبياء إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان ما أوتيته وحيا أوحاه الله، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» رواه الشيخان، وحديث عائشة- رضي الله عنها- في الصحيحين:
«أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم .. » وحديث الحارث بن هشام: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي قال:
«أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول» قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد وإن جبينه ليتفصّد عرقا» رواه البخاري، إلى غير ذلك من الأحاديث المتكاثرة التي تدل بطريق التواتر المعنوي على ثبوت الوحي ووجوده.