به إلى نبي من الأنبياء، فيثبته في قلبه، فيتكلم به ويكتبه وهو كلام الله، ومنه ما لا يتكلم به، ولا يكتبه لأحد، ولا يأمر بكتابته، ولكنه يحدث به الناس حديثا ويبين لهم أن الله أمره أن يبينه للناس ويبلغهم إياه.
«وحي السنة»: أما وحي السنة فمنه ما يكون عن طريق أمين الوحي جبريل، وفي إطار الحالة الأولى، وهي الحالة الملائكية. وذلك كما في قصة يعلى بن أمية؛ روى البخاري في صحيحه بسنده عن يعلى قال: قلت لعمر- رضي الله عنه- أرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يوحى إليه، قال فبينما النبي في الجعرانة جاءه رجل فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة، وهو متضمخ بطيب، فسكت النبي ساعة، فجاءه الوحي، فأشار عمر- رضي الله عنه- إلى يعلى، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب قد أظلّ به، فأدخل رأسه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمّر الوجه، وهو يغط، ثم سري عنه، فقال: «أين السائل عن العمرة» فأتي بالرجل. فقال: «اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات؛ وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك».
وبعضه في إطار الحالة الثانية كما في حديث جبريل، وبعضه بالمكالمة كما حدث ليلة الإسراء والمعراج، وبعضه بالإلهام والمنام، وبعضه بالقذف في القلب، وسواء أكانت السنة بوحي جلي أو خفي فلفظها من عند النبي صلى الله عليه وسلم.
لنزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا حكم كثيرة، وأسرار عديدة نجملها فيما يأتي:
تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتطمين قلبه وخاطره وهي ما أشار إليها الحق- تبارك وتعالى- في رده على المشركين أو اليهود حيث قال: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [سورة الفرقان: 32]، وهذه الحكمة من أجلّ