الذي نقطع به، أن «القرآن الكريم» كلام الله سبحانه، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [سورة التوبة: 5]، وأن القرآن لفظه ومعناه من عند الله- سبحانه- قال تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) [سورة الزمر: 1]، حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) [سورة غافر: 1 - 2]، وقال:
وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [سورة الإسراء: 105].
وأن الذي نزل به هو أمين الوحي جبريل- عليه السلام- قال تعالى:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وأن الذي نزل به جبريل هو هذا اللفظ العربي من غير أن يكون له فيه شيء ما، ومن غير أن يزيد فيه حرفا، أو ينقص منه حرفا.
وكذلك ليس للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن شيء إلا التبليغ، وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويؤمن به، ولا تلتفت إلى ما زعمه بعض من يهرف بما لا يعرف، أو من يفتري ويختلق؛ من أن جبريل أوحي إليه المعنى، وأنه عبر بهذه الألفاظ الدالة على المعاني بلغة العرب ثم نزل على النبي كذلك، أو أن جبريل أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم المعنى، وأن النبي عبر عن هذه المعاني بلفظ من عنده (?)، متمسّكا بظاهر قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) [سورة الشعراء 193 - 195]، فإنه زعم وخرص لم تقم عليه أثارة من علم، وما تمسك به هذا الزاعم من الآية لا يشهد له؛ فإن القلب كما ينزل عليه المعنى، ينزل عليه اللفظ، وإنما آثر الحق تبارك وتعالى هذا التعبير للدلالة على أن القرآن كما وعته الأذنان، وعاه القلب اليقظان.
وهذا القول خلاف ما تواتر عليه القرآن والسنة، وانعقد عليه إجماع الأئمة: من أن القرآن- لفظه ومعناه- كلام الله، ومن عند الله، ولو جاز