بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي أنزل على عبده «محمد» القرآن مشتملا على الحكم والأحكام والمواعظ والآداب، والصلاة والسلام على سيدنا «محمد» الذي خصه الله بجوامع الكلم، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وصحابته، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الحساب.
أما بعد: فإن أحق ما يشتغل به الباحثون، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون- مدارسة كتاب الله، ومداومة البحث فيه، والغوص عن لآلئه والكشف عن علومه وحقائقه، وإظهار إعجازه وتجلية محاسنه، والدفاع عن ساحته ونفي الشكوك والريب فيه، والقرآن بحر لا يدرك غوره، ولا تنفد درره، ولا تنقضي عجائبه، فما أحق الأعمار أن تفنى فيه، والأزمان أن تشغل به، وكل ساعة يقضيها الباحث في النظر في كتاب الله، والتأمل فيه أو في البحث فيما يتصل به، في سبيل الله، وفي سبيل الإسلام.
ولما أسند إليّ تدريس «علوم القرآن» بقسم «الدراسات العليا» بكلية أصول الدين من كليات الجامعة الأزهرية رأيت أن أضع في هذا مؤلفا وسطا: لا هو بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل؛ ليكون مرجعا لطلاب هذا القسم وغيرهم من عشاق القرآن وعلومه. ولما كانت مباحث هذا العلم مدخلا وسبيلا لدراسة «القرآن الكريم» وفهمه وتدبره لم أجد نفسي في حاجة إلى أن أتكلف لهذا المؤلف اسما وسميته: «المدخل لدراسة القرآن الكريم»، ويعتبر هذا «المدخل» أول كتاب ألف في هذا الفن، من أحد رجال الطبقة التي تلي طبقة شيوخنا وأول باكورة شهية، لقسم الدراسات العليا شعبة «التفسير وعلومه، والحديث وعلومه» أقول هذا تحدثا بنعمة الله عليّ ولله الحمد، والمنة. والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يجعل نفعه عاما موصولا.
أبو عمر محمد بن محمد أبو شهبة