ووجه المنع وعدم الجواز أنه يذهب إعجازه المقصود منه، والذي هو من أخص خصائص القرآن، والله سبحانه الذي وحد المسلمين تحت راية القرآن يجب أن تتوحد ألسنتهم بلغة القرآن، اللغة العربية الشريفة، ولو جوزنا ذلك لفات هذا الغرض الشريف.
وإلى المنع ذهب الإمام القفال من الشافعية، وكان يقول: إن القراءة بالفارسية لا تتصور؛ فقيل له: فإذا لا يقدر أحد أن يفسر القرآن!!
فقال: ليس كذلك؛ لأن المفسر يجوز أن يأتي ببعض مراد الله، ويعجز عن البعض، أما إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله تعالى؛ لأن الترجمة إبدال لفظة بلفظة تقوم مقامها، وذلك غير ممكن، بخلاف التفسير.
أقول: وما ذكره القفال هو الحق، والذي يجب أن يفتى به؛ فالترجمة الحرفية للقرآن غير ممكنة، أما الترجمة التفسيرية، أو إن شئت الدقة فقل ترجمة تفسيره فهي ممكنة وجائزة.
: وهو ما لم يصح سنده وذلك مثل القراءة الشاذة ملك يوم الدّين على أن ملك فعل ماض، ونصب يوم وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك، لكن ذكر موهوب الجزري جوازها في غير الصلاة قياسا على جواز رواية الحديث بالمعنى.
أقول: وما قاله موهوب غير مسلم. والقياس على الرواية بالمعنى قياس مع الفارق، فإن اللفظ في القرآن ركن من أركانه، ولا يتحقق كونه قرآنا إلا به، ولا كذلك
الأحاديث، فإن لفظها ليس معجزا والمعول عليه فيها المعنى دون اللفظ، وإن كانت الرواية باللفظ أولى وأفضل عند الجمهور لمن يتيقن منه وحفظه.
18 - الأولى والأفضل أن يقرأ القارئ على ترتيب المصحف؛ لأن هذا الترتيب ارتضاه الصحابة والسلف الصالح- رضوان الله عليهم-:
قال في شرح المهذب: لأن ترتيبه لحكمة فلا يتركها إلا فيم ورد فيه