محمد صلى الله عليه وسلم، لا زيادة فيه، ولا نقصان، فمن ادعي زيادة عليه، أو نقصانا فقد أبطل الإجماع، وبهّت جمهور الناس، ورد ما قد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وغير معقول أن نبطل ما أجمع عليه المسلمون بروايات جلها باطل موضوع، وما صح منها فله محامل صحيحة، وليس نصا على ما يزعم الزاعمون، وإن من يزعم أن القرآن نقص منه شيء أو زيد فيه شيء، كمن زعم أن الصلوات المفروضة كانت عشرا فأنقصها المسلمون إلى خمس، أو أنها كانت ثلاثا فصيروها خمسا- سواء بسواء- فإذا صح في العقول شيء من هذا صح ما تقولوه على القرآن.
والله سبحانه- وقد وعد بحفظ كتابه- قد هيأ له من الأسباب الداعية إلى حفظه وصيانته من التحريف والتبديل ما لم يتهيأ لكتاب غيره في الدنيا، وعلى كثرة ما صوبه أعداء الإسلام إلى القرآن من سهام غير صائبة، وتلفيقات مزورة فقد بقي القرآن كالطود الشامخ الذي لا تزحزحه عن مكانه الرياح، والأعاصير، مهما اشتدت، وقد تكسرت على صخرته العاتية كل ما راشوا من سهام، وبيتوا من كيد، وسيبقى هكذا، صلدا، قويا حتى يرث الله الأرض وما عليها، وصدق الله حيث يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) [الحجر: 9]، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) [فصلت: 41 - 42].
***