إن الجلد نسخ في حق المحصن قطعا، لأن الحكم في حقه الرجم واختلف في الناسخ هل هي السنة القطعية، أو ما رواه عمر رضي الله عنه من الآية المنسوخة «الشيخ والشيخة» قال العلامة ابن الهمام: إن كون السنة القطعية أولى من كون ما ذكر من الآية، لعدم القطع بثبوتها قرآنا ثم نسخ تلاوتها، وإن ذكرها عمر وسكت الناس، فإن كون الإجماع السكوتي حجة مختلف فيه، وبتقدير حجيته، لا نقطع بأن المجتهدين من الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذ ذاك حضورا، ثم لا شك في أن الطريق في ذلك إلى عمر ظني، ولهذا- والله أعلم- قال علي كرم الله وجهه حين جلد شراحة ثم رجمها: «جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم» ولم يعلل الرجم بالقرآن المنسوخ.

ويؤيد هذا التأويل أيضا ما أخرجه النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد ابن ثابت: ألا تكتبها في المصحف قال: لا، ألا ترى بأن الشابين الثيبين يرجمان، ولقد ذكرنا ذلك فقال عمر: أنا أكفيكم؛ فقال يا رسول الله: أكتبت آية الرجم قال: «لا أستطيع».

وإن نظرة فاحصة في «الشيخ والشيخة ... إلخ» لترينا أنها ليس عليها نور القرآن ومسحته، ولا فيها حكمته وإعجازه، وإن قول زيد رضي الله عنه:

«ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان» ما يشير إلى عدم بلوغها الغاية في الدقة والإحكام، كما هو الشأن في القرآن، وهذا يدل على فرق ما بين كلام الله وكلام الإنسان.

2 - إن هذه الآية كانت قرآنا ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، قال الإمام النووي رحمه الله: أراد بآية الرجم «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»، وهذا مما نسخ لفظه ليس له حكم القرآن في تحريمه على الجنب ونحو ذلك، وفي ترك الصحابة كتابة هذه الآية دلالة ظاهرة على أن المنسوخ لا يكتب في المصحف، وبنحو ذلك قال ابن كثير في تفسيره (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015