الأمر من نسخ السنة بالسنة، ويكون قولها في الحديث «فتوفي رسول الله وهن مما يقرأ من القرآن» أي من حكم القرآن على أنه سنة لا قرآن، ولا شك أنهم كانوا يعنون بحفظ السنة أيضا، أو يكون المراد وهن فيما يعلم من أحكام القرآن.

2 - وللحديث تأويل آخر، وهو أنه يحمل على أنه كان قرآنا ثم نسخ لفظه وبقي حكمه، وبعد النسخ لم يعد يسمى قرآنا ولا له حكمه، فإن قيل: هذا تأويل مقبول لولا ما يعارض من قولها: «فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن» قلت: إن غرضها الإخبار بأن هذا النسخ لم يقع إلا قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فعلم بالنسخ الكثيرون، وتركوا القراءة به، ولم يعلم البعض، فبقي هذا البعض على القراءة حتى تيقنوا فيما بعد نسخه فتركوا القراءة به؛ قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: ومعناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدّا، حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى (?).

وهذا الجواب إنما يتم على مذهب من يرى أن من أقسام النسخ ما نسخت تلاوته وبقي حكمه، وهذا النوع قد أنكره بعض العلماء، قال الإمام السيوطي في الإتقان (?): حكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا الضرب، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.

هذا ولعل الوجه الأول في الجواب أولى وأسلم.

الشبهة الثامنة

: ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس قال:

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» وفي رواية أخرى له أيضا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015