ثم شرع يوجه ما ذكره من الأسماء (?)، وبلغ بها صاحب «التبيان» نيفا وتسعين اسما.
ومما ينبغي أن يتنبه إليه أن أغلب ما ذكروه أسماء للقرآن هو في الحقيقة أوصاف له، فمثلا: عدوا من الأسماء لفظ «كريم» أخذا من قوله تعالى:
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) [سورة الواقعة: 77]، ولفظ «مبارك» أخذا من قوله تعالى: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ [الأنبياء: 5] مع أن الظاهر كونهما وصفين للقرآن لا اسمين.
كما أن في بعض ما عدوه اسما للقرآن بعدا وتكلّفا في أن المراد به القرآن وذلك مثل عدهم من الأسماء: «مناديا»، لقوله تعالى: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ [آل عمران: 193]، ومثل عدهم من الأسماء:
«زبورا»، لقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (105) [الأنبياء: 105] مع أن الظاهر: والذي عليه جمهور المفسرين، أن المراد بالمنادى الرسول وبالزبور الكتاب المنزل على داود- عليه السلام- والذكر التوراة وقيل الزبور: جميع الكتب المنزلة، والذكر: اللوح المحفوظ، ويكون المراد بالزبور الوصفية لا العلميّة، فهو بمعنى المزبور أي المكتوب (?).
والآن وقد وضح لنا المراد من كل طرفي «المركب الإضافي» يتبين لنا المراد من الإضافة التي بينهما، فهي تشير إلى كل المعارف والعلوم المتصلة بالقرآن، ومن ثمّ جمع لفظ «علوم» ولم يفرد، لأن المراد شمول كل علم يبحث في القرآن من أي ناحية من نواحيه المتعددة، فيشمل ذلك «علم التفسير» و «علم الرسم العثماني» و «علم القراءات» و «علم غريب القرآن» و «علم إعجاز القرآن» و «علم الناسخ والمنسوخ» و «علم المحكم