لم يعرفوا من الدين إلا قشورا، ومن اللغة العربية إلا حظا يسيرا ثم يطلب إليهم أن ينقدوا كتاب العربية الأكبر الذي خرت لبلاغته جباه البلغاء، وخرست عن معارضته ألسنة الفصحاء من كل جنس، وفي كل عصر، وكيف يتهيأ لمن لا يكاد يبين أن ينقد كتابا عربيّا مبينا
وقد قيض الله لهذه الشبه من علماء الأمة (?) الذين تذوقوا بلاغة القرآن ووقفوا على أسرار إعجازه من زيفها على أساس من المنطق السليم، والحجة الدامغة والحق الظاهر، والواقع التاريخي الثابت.
وهذه الطعون- فضلا عن كونها كفرا دينيّا- هي كفر بقواعد البحث العلمي الصحيح التي طالما تمسحوا بها، وأكثروا من ترديدها في كتاباتهم، ومحاضراتهم وسنقصر
ردنا على ما يتعلق بالمكي والمدني من القرآن.
قال: إن القسم المكي يمتاز بتقطع الفكرة، واقتضاب المعاني، وقصر السور وقصر الآيات، وأما القسم المدني فهو طويل السور طويل الآيات وأفكاره منسجمة متسلسلة، وعزا ذلك إلى تأثر محمد صلى الله عليه وسلم بالبيئة؛ فأهل مكة قوم أميون لا يقدرون على إنشاء العبارات الطويلة، أما أهل المدينة فهم أهل كتاب أو متصلون بأهل الكتاب لهم قدرة على إنشاء العبارات الطويلة، وغرضه التشكيك في أن القرآن من عند الله سبحانه.
وللرد على هذه الشبهة نقول:
1 - إن القول بأن القسم المكي يمتاز بتقطع الفكرة واقتضاب المعاني بخلاف القسم المدني قول من لم يتمعن في القرآن، ولم يعن بدراسته، ومن يرسل القول على عواهنه، ولم يأخذ من اللغة العربية وأسرارها