وفيه بعض مما اختلف فيه الأحرف السبعة لا جميعها، كما وقع في المصحف المكي: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ في آخر سورة براءة، وفي غيره بحذف من وكذا ما وقع فيه من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة «واوات» ثابتة في بعضها دون بعض (?)، وعدة «هاءات» (?)، وعدة «لامات» (?) ونحو ذلك، وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته لشخصين، أو أعلم بذلك شخصا واحدا أو أمر بإثباتهما على الوجهين، وما عدا ذلك مما لا يوافق الرسم، فهو مما كانت القراءة جوّزت به توسعة على الناس وتسهيلا، فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان وكفر بعضهم بعضا، اختاروا الاقتصار على اللفظ المأذون في كتابته، وتركوا الباقي.
وقال البغوي في «شرح السنة»: المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عثمان بنسخه في المصاحف وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك؛ قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم.
والتحقيق: أن كون المصاحف مشتملة على الأحرف السبعة أو بعضها متوقفة على معرفة المراد بالأحرف السبعة، فمن قال إن المراد به سبع لغات في كلمة واحدة تختلف فيها الألفاظ مع اتفاق المعاني كابن جرير، ومن وافقه قال: إن ما بقي في المصاحف منها هو حرف قريش.
ومن قال: إن المراد بالأحرف السبعة: الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات على ما ذهب إليه ابن قتيبة، ومن لف لفه، قال: إن المصاحف