وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يقرأ بها اليوم وصحت رواياتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ... ، ثم قال: وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما (?).
وقال القرطبي في تفسيره (?): قال كثير من علمائنا كالداودي، وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من هذه السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.
ومن هذه النقول يتبين لنا: أن القراءات الثابتة المتواترة ليست منحصرة في السبع المشهورة وأنه لا يجوز بحال من الأحوال أن تكون مرادة من الحديث وكيف يمكن أن تكون القراءات السبع المشهورة هي المرادة من الحديث وهي إنما عرف كونها سبعا من قبل أن رواتها المشهورين سبعة، وهذا شيء علم بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة قرون تقريبا، على يد «ابن مجاهد» فغير معقول أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزول القرآن على حروف لم تعرف، ولم تشتهر إلا بعده بقرون.
وقد علمت: أن حصر القراءات الثابتة في سبع إنما كان أمرا اتفاقيّا فحسب.
ذهب البعض إلى أن المراد بالأحرف السبعة: سبعة أصناف من الكلام، وقد اختلف القائلون به في تعيين هذه السبعة، فقيل: إنها أمر، ونهي، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.
واحتجوا بما أخرجه الحاكم، والبيهقي، عن ابن مسعود، عن النبي