شقة الخلاف، ويقل التنازع فجمع المصحف، وكتبه على حرف واحد وهو حرف قريش، ونسخ منه نسخا أرسل بها إلى الأمصار، وحرق ما عدا هذا المصحف الذي أمر بجمعه، وعزم على كل من كان عنده مصحف يغاير المصاحف العثمانية أن يحرقه، فاستوثقت له الأمة بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فالتزمت القراءة بحرف قريش؛ وتركت القراءة بالأحرف الستة الباقية، التي عزم عليها إمامها العادل الراشد أن تتركها امتثالا لأمر الإسلام، في طاعة أولي الأمر، ورعاية منهم لمصلحتهم ومصلحة الأمة ممن يأتي بعدهم حتى درست معرفة هذه الأحرف الستة من الأمة وتعفت آثارها فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها، وعفاء آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منهم لصحتها وصحة شيء منها، فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الباقية (?).
وإلى هذا الرأي ذهب الجماهير من سلف الأمة وخلفها فذهب إليه الأئمة سفيان بن عيينة، وابن جرير الطبري، ودافع عنه دفاعا حارّا في مقدمة تفسيره والطحاوي، وابن وهب، وخلائق كثيرون، واختاره القرطبي، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء، وهذا الرأي هو الذي أختاره وأميل إليه.
ولكي يخلص لنا هذا الرأي ممحصا مصفى، سنذكر بعض التوضيحات له، والشبه التي أثيرت حوله، ونجيب عليها، حتى يتبين لنا أنه الرأي المروي والمختار (?).
إن قال قائل: في أي موضوع من القرآن نجد حرفا واحدا مقروءا بسبع