الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) [النساء: 51 - 52].
فقد نزلت هاتان الآيتان في كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود لما قدموا مكة بعد بدر (?) ليحرضوا قريشا على قتال النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ بالثأر فنزل كعب بن الأشرف على أبي سفيان بن حرب فأحسن مثواه ونزل بقية اليهود دور قريش فقال سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم، أينا أهدى طريقا نحن أم محمد فقال كعب: اعرضوا عليّ دينكم. فذكر له أبو سفيان بعض فضائلهم فقال كعب أنتم- والله- أهدى سبيلا مما عليه محمد وأصحابه
قال هذا مع علمه هو ومن معه من اليهود بما في كتابهم التوراة من نعت النبي الأمي العربي المبعوث في آخر الزمان، وأخذ المواثيق عليهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ولا يكتموا أوصافه، فكان هذا أمانة لازمة لهم وعليهم أن يؤدوها، وكان قول كعب بن الأشرف ومن وافقه خيانة لهذه الأمانة التي ائتمنوا عليها وأمروا بأدائها إذا حان وقتها، وقد وبخهم الله سبحانه وتعالى على خيانتهم هذه ولعنهم وتوعدهم عليها، وقد اقتضى هذا التوعد واللعن الأمر بمقابل خيانتهم، وهو أداء الأمانة الخاصة التي هي بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانوا يجدون نعته عندهم مكتوبا في التوراة، ويعرفونه كما