وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن زيد بن ثابت أيضا قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لواضع القلم على أذني، إذ أمر بالقتال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه، إذ جاء أعمى فقال: كيف لي يا رسول الله وأنا أعمى، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) [التوبة: 91].
2 - ومن أمثلته أيضا- السبب الواحد تنزل فيه أكثر من آيتين- ما أخرجه الترمذي والحاكم، عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ... [آل عمران:
195].
وأخرج الحاكم عنها- أيضا- قالت: قلت: يا رسول الله، تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزل الله: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ... [الأحزاب: 35]، وأنزلت: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ... الآية.
وأخرج أيضا عنها أنها قالت: تغزو الرجال، ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله سبحانه: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [النساء: 32] وأنزل: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ... الآية.
فالظاهر أن واقعة السؤال واحدة، وأن الآيات الثلاث نزلت بعد هذا السؤال؛ ولا يبعد هذا اختلاف صيغة السؤال؛ لجواز أن يكون سؤالها عامّا شاملا لكل ما روي، ولكن الراوي اقتصر على بعض السؤال دون بعض، أو تذكر بعضه ونسي البعض.
3 - ومن أمثلته ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان، فطلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «علام تشتمني أنت وأصحابك»، فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ... [التوبة: 74].