عليه قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188) (?) [آل عمران:

188] فبعث إلى ابن عباس فسأله: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون!! فقال ابن عباس: إن هذه الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، رواه الشيخان، ومقتضى جواب ابن عباس أن اللفظ وإن كان عامّا إلا أنه أريد به خاص.

وقد علق بعض العلماء على جواب ابن عباس- رضي الله عنهما- ما بين موافق ومخالف، قال الزركشي في البرهان: لا يخفى عن ابن عباس- رضي الله عنه- أن اللفظ أعم من السبب، لكن بين أن المراد باللفظ خاص ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم بالشرك (?) في قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ....

وقال بعض العلماء: هذا الجواب مشكل لأن اللفظ أعم من السبب، ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم: «المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» وإنما الجواب أن الوعيد مرتب على أثر الأمرين المذكورين، وهما الفرح وحب الحمد، لا عليهما أنفسهما، إذ هما من الأمور الطبيعية التي لا يعلّق بها التكليف أمرا ونهيا، وقال الخازن في تفسيره: وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في اليهود أو المنافقين خاصة، فإن حكمها عام في كل من أحب أن يحمد بما لم يفعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015