يحل القول في أسباب نزول القرآن إلا بالرواية والسماع، ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها، وجدوا في الطّلاب» أي بالغوا في طلب العلم.
فالمعول عليه في أسباب النزول: هم الصحابة، ومن أخذ عنهم من التابعين.
ومعرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وكثيرا ما يجزم بعضهم بالسبب، وربما لم يجزم بعضهم؛ فقال: أحسب هذه الآية نزلت في كذا، كما قال «الزبير» في قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... الآية.
روى الشيخان في صحيحيهما عن عروة بن الزبير عن أبيه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير في شراج الحرة (?) التي يسقون منها النخل فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» فغضب الأنصاري ثم قال: يا رسول الله أن (?) كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للزبير: «يا زبير احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر (?)» فقال الزبير: والله إني لأحسب هذا الآية نزلت في ذلك: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ زاد البخاري «فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد أشار على الزبير رأيا أي أراد سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم، فقال الزبير والله ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك (?).